للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجوز للإنسان أن يأخذ ما يعتقد أنه حقٌّ له إلا من طريقه الشرعيِّ؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد أمَرَنَا أن ندخل البيوت من أبوابها.

ولذا؛ فإن هذا الحقَّ العام قد وضَعَه الله في يد الإمام، بحيث يُنفِقه فيما يراه مصلحة للمسلمين، وفيما تحتاجه الدولة لتقوم به وتقوى دعائمها، كبناء المساجد وشقّ الطرق والترع، وإقامة المشروعات الكبيرة، وغير ذلك مما يخضع لتقدير الإمام واحتياجات الأمَّة.

* قوله: (فَقَالَ قَوْمٌ: يُحْرَقُ رَحْلُهُ (١)، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ لَهُ عِقَابٌ إِلَّا التَّعْزِيرُ) (٢).

فهاهنا قولان لأهل العلم في عقوبة الغالِّ من الغنيمة:


(١) مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٦٤٧)، حيث قال: " (ويجب حرق رحله كله وقت غلوله) لحديث سالم بن عبد الله بن عمر قال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وجدتم الرجل قد غلَّ فاحرقوا متاعه واضربوه".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١٠/ ٥٠)، حيث قال: "وإن سرق بعض الغانمين شيئًا من الغنيمة لم يقطع لتأكد حقه فيها، ولكنه يضمن المسروق ويؤدب ولا يحرق رحله عندنا".
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٢/ ١٧٩)، حيث قال: " (وأدب) الغال بالاجتهاد (إن ظهر عليه) لا إن جاء تائبًا، (قوله: إلا إن جاء تائبًا)، أي: وأتى بما سرق فلا يؤدب (قوله: ولو بعد القسم وتفرق الجيش) فيه نظر بل الحق أنه إن جاء تائبًا قبل القسم فلا يؤدب، وإن جاء بعده وبعد تفرق الجيش فإنه يؤدب، ويتصدق بما أخذه".
مذهب الشافعية، يُنظر: "الأم" للشافعي (٤/ ٢٦٥)، حيث قال: "قلت للشافعي: أفرأيت المسلم الحر أو العبد الغازي. . يغلون من الغنائم شيئًا قبل أن تقسم؟ فقال: لا يقطع ويغرم كل واحد من هؤلاء قيمة ما سرق إن هلك الذي أخذه قبل أن يؤديه وإن كان القوم جهلة علموا ولم يعاقبوا فإن عادوا عوقبوا فقلت للشافعي: أفيرجل عن دابته ويحرق سرجه أو يحرق متاعه؟ فقال: لا يعاقب رجل في ماله، وإنما يعاقب في بدنه وإنما جعل الله الحدود على الأبدان، وكذلك العقوبات فأما على الأموال فلا عقوبة عليها".

<<  <  ج: ص:  >  >>