للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرسل إلى أبي طلحة - رضي الله عنه - قائلًا: "كنا لا نُخَمِّسُ السلب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسنُخَمِّسُهُ" (١). فكان أول سلبٍ يُخَمَّسُ هو سلب البراء بن مالكٍ - رضي الله عنه -.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هُوَ احْتِمَالُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعْدَمَا بَرَدَ القِتَالُ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ") (٢).

وقد جاء في بعض الروايات بلفظ: "من قتل قتيلًا له عليه بينةٌ" (٣)، ولهذا قام أبو قتادة يسأل قائلًا: "مَن يَشهَد لي؟ ".

أما قصة يوم حنين فهي معروفةٌ، ومليئةٌ بالدروس والفوائد والعبر، حتى أن المسلمين ينبغي عليهم أن يستفيدوا منها في كل وقتٍ، وأن يعلموا أنهم ضعفاء بدون نصر الله مهما بلغت قوتهم ومهما زاد عددهم ومهما توفرت لهم أسباب القوة والمنعة (٤)؛ لأن النصر إنما هو من عند الله وحده، ولذا قال سبحانه وتعالى في ذِكْرِ يوم حنين: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥)} [التوبة: ٢٥]، بخلاف الآية الأُخرى التي يقول الله سبحانه وتعالى فيها في ذِكْرِ يوم بدرِ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ


(١) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٥/ ٢٣٣) عن ابن سيرين قال: "بارز البراء بن مالك أخو أنس مرزبان الزأرة فقتله، وأخذ سلبه، فبلغ سلبه ثلاثين ألفًا فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال لأبي طلحة: "إنا كنا لا نخمس السلب، وإن سلب البراء قد بلغ مالًا كثيرًا، ولا أراني إلا خامسه".
(٢) أخرجه ابن زنجويه في "الأموال" (٢/ ٦٨٥) من حديث سمرة.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) "المنعة" جمع مانع، أي: هو في عز ومن يمنعه من عشيرته. انظر: "الصحاح" للجوهري (٣/ ١٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>