للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمؤلِّفُ هاهنا ذَكَرَ هذه القصة على وجه الإجمال، وفي القصة شيءٌ من التفصيل، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد بعث عددًا من الرجال لمناوشة (١) الروم، وكان في الروم يومئذٍ رجلٌ يحرض على القتال، وكان المسلمون قد جاءهم مددٌ من قبيلة حِمْيَر اليمنية، وكان من بين هذه القبيلة رجلٌ لاحَظَ ما لهذا الرجل المُحَرِّضِ من تأثيرٍ على قومه في قتالهم المسلمين، فما كان من الحميري حينئذٍ إلا أن استدار له حتى تخبأ، ثم ضرب فرسه، فسقط الرجل عن الفرس، فقَتَلَهُ الحميري وأخذ سلبه، وكان السلب كبيرًا جدًّا، فلما رآه خالد بن الوليد لتماجبه أخذ منه شيئًا، فجرى بينهما خلافٌ على هذا، فشكا الرجلُ خالدَ بن الوليد - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وبعض الروايات قد أورَدَت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أعطَى الرجل سلبه يومئذٍ (٢)، وروايات أُخرى أورَدَتْ أنه قد منَعَه إياه (٣)، ومن هنا نشَأَ الخلاف في هذه المسألة.

* قوله: (وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (٤) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ البَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ).

أما الصحابي الجليل البراء بن مالك - رضي الله عنه - فمن المعلوم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أثنَى عليه حينما قال: "إنَّ من عباد الله مَن لو أقسم على الله لأبرَّه" (٥)، وذكر من هؤلاء البراء بن مالك، وليس هذا إلا نتيجة إخلاص البراء وصدقِه.


(١) "المناوشة": ناوش القومُ أقرانهم في الحرب، بالشين المعجمة: إِذا تدانوا ونال بعضهم من بعض. انظر: "شمس العلوم" للحميري (١٠/ ٦٨٠٥).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦/ ٤٧٨).
(٥) أخرجه الترمذي (٣٨٥٤) عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَمْ من أشعث أغبر ذي طمرين لا يُؤْبه له لو أقسم على الله لأبرَّه، منهم: البراء بن مالك"، وحسنه الألباني في "المشكاة" (٦٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>