للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ).

وهاهنا في هذه المسألة قد يرد سؤالٌ، وهو: هل القاتل يستحق السلب مطلَقًا؟ أم أن هذا يختلف من حيث القلة والكثرة؟

فهناك من أهل العلم مَن ذهب إلى التفريق في هذا، وأن السلب يستحقه القاتل إذا كان دون حدّ الكثرة فقط، وأنه إذا كَثُرَ فلا يُعطَى بكامله للقاتل، وإنما يُعطَى جزءًا منه ويُرَدُّ الباقي إلى المغنم، كما حصل في قصة عوف بن مالكٍ مع خالد بن الوليد - رضي الله عنهما -، وكذلك في قصة البراء من مالكٍ مع أبي طلحة وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - جميعًا.

ومن أهل العلم كذلك مَن ذهب إلى استحقاق القاتل للسلب مطلَقًا، دون التفرقة في ذلك بين القلة والكثرة.

* قوله: (فَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: إِنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وَإِنَّ سَلَبَ البَرَاءِ قَدْ بَلَغَ مَالًا كَثِيرًا، وَلَا أُرَانِي إِلَّا خَمَّسْتُهُ. قَالَ: "قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: فَحَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ أَوَّلُ سَلَبٍ خُمِّسَ فِي الإِسْلَامِ". وَبِهَذَا تَمَسَّكَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ السَّلَبِ القَلِيلِ وَالكَثِيرِ).

أي: إنا لم نكن نأخذ الخُمُسَ من السلب قبل ذلك، ولكن لا بد من تخميسه الآن؛ نظرًا لِما بلغ من الكثرة الحادثة في سلب البراء بن مالكٍ.

وهذا الأثر هو حُجَّةُ القائلين بالتفرقة بين استحقاق القاتل للسلب القليل والكثير.

وقد أخرج هذا الأثرَ ابنُ أبي شيبة (١) كما ذَكَرَ المؤلِّف، كما أخرجه كذلك البيهقي في "السنن الكبرى" (٢)، وأبو عبيد في "الأموال" (٣)،


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) حديث (٦/ ٥٠٦).
(٣) حديث (٢/ ٦٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>