للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهاهنا لدينا مسألتان:

المسألة الأولى: لو أن الحربيَّ أَسْلَمَ، وبقي في دار الحرب، ثم استولى المسلمون على تلك الدار، فهل حينئذٍ يكون المسلم معصوم المال بحيث لا يؤخذ ماله في الغنيمة ولا تسبى ذرِّيته بسبب إسلامه؛ لأننا نعلم أن المسلم معصوم الدم والمال لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فقد عصموا دماءهم وأموالهم"؟ أم أنه لا يُعصَمُ بسبب إقامته في دار الحرب؟ وهذه المسألة يؤخذ على المؤلَف أنه لم يَعرِض لها ولم يتناوَلْها.

المسألة الثانية: وهي ما إذا أسلم الحربي في دار الحرب، ثم هاجَرَ إلى دار الإسلام، وترك وراءه في دار الحرب مالَه، أو مالَه وزوجتَه، أو ذرّيتَه، فما حُكْمُ ما خَلَّفَهُ وراءَهُ في دار الحرب إذا دَخَلَهَا المسلمون حينئذٍ؟

* قوله: (هَلْ يَكُونُ لِمَا تَرَكَ حُرْمَةُ مَالِ المُسْلِمِ وَزَوْجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، فَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ إِنْ غَلَبُوا عَلَى ذَلِكَ، أَمْ لَيْسَ لِمَا تَرَكَ حُرْمَةٌ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لِكُلِّ مَا تَرَكَ حُرْمَةُ الإِسْلَامِ (١)، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ) (٢).


(١) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٩/ ٢٥٠)، حيث قال: " (وإسلام كافر) مكلف (قبل ظفر به)، أي: في وضع أيديا عليه. (يعصم دمه)، أي: نفسه عن كل ما مر. (وماله) جميعه بدارنا ودارهم … (وصغار) ومجانين. (ولده) الأحرار وإن سفلوا ولو كان الأقرب حيًّا كافرًا عن الاسترقاق، لأنهم يتبعونه في الإسلام ومن ثَمَّ كان الحمل كمنفصل والبالغ العاقل الحر كمستقل. (لا زوجته على المذهب) ".
(٢) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٢/ ٣٨٧)، حيث قال: "ومن أسلم منهم" معناه: في دار الحرب "أحرز بإسلامه نفسه"؛ لأن الإسلام ينافي ابتداء الاسترقاق "وأولاده الصغار"؛ لأنهم مسلمون بإسلامه تبعًا "وكل مال هو في يده" لقوله عليه الصلاة والسلام: "مَن أسلم على مال فهو له"، ولأنه سبقت يده الحقيقية إليه يد الظاهرين عليه "أو وديعة في يد مسلم أو ذمي"؛ لأنه في يد صحيحة محترمة ويده كيده "فإن ظهرنا على دار الحرب فعقاره فيء"، وانظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٦/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>