للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصحف: ما كتب فيه القرآن سواء كان كاملًا، أو غير كامل، حتى ولو آية واحدة كتبت في ورقة ولم يكن معها غيرها؛ فحكمُها حكم المصحف.

وكذا اللوح له حكم المصحف؛ إلا أنَّ الفقهاء استثنوا بعض الحالات.

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ تَرَدُّدُ مَفْهُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)} [الواقعة: ٧٩] بَيْنَ أَنْ يَكُونَ المُطَهَّرُونَ هُمْ بَني آدَمَ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونُوا هُمُ المَلَائِكَةَ (١)، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الخَبَرُ مَفْهُومُهُ النَّهْيُ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لَا نَهْيًا، فَمَنْ فَهِمَ مِنَ "المُطَهَّرُونَ" بَنِي آدَمَ، وَفَهِمَ مِنَ الخَبَرِ النَّهْيَ قَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَمَسَّ المُصْحَفَ إِلَّا طَاهِرٌ، وَمَنْ فَهِمَ مِنْهُ الخَبَرَ فَقَطْ، وَفَهِمَ مِنْ لَفْظِ "المُطَهَّرُونَ" المَلَائِكَةَ، قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ فِي مَسِّ المُصْحَفِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ دَلِيلٌ لَا مِنْ كتَابٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ، بَقِيَ الأَمْرُ عَلَى البَرَاءَةِ الأَصْلِيَّةِ وَهِيَ الِإبَاحَةُ، وَقَدِ احْتَجَّ الجُمْهُورُ لِمَذْهَبِهِمْ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَتَبَ: لَا يَمَسُّ القُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ" (٢)).

وقد استدل الجمهور بالأدلة التالية:

١ - قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠)} [الواقعة: ٧٧ - ٨٠].


= برهانُ ذلك أنَّ قراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله تعالى أفعال خير مندوب إليها مأجور فاعلها، فمن ادعى المنع فيها في بعض الأحوال كُلَّف أن يأتي بالبرهان. فأما قراءة القرآن فإنَّ الحاضرين من المخالفين موافقون لنا في هذا لمن كان على غير وضوءٍ".
(١) يُنظر: "تفسير الطبري" (٢٢/ ٣٦٤)؛ حيث قال: "واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله: {إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} فقال بعضهم: هم الملائكة … ".
(٢) أخرجه مالك في: "الموطأ" (١/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>