وانظر في مذهب الشافعية: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (٢/ ٢٩ - ٣٠)؛ حيث قال: "فيخمس وخمسه لمصالحنا كثغور وقضاة وعلماء يقدم الأهم، ولبني هاشم والمطلب ولو أغنياء، ويفضل الذكر كالإرث، ولليتامى الفقراء منا - واليتيم صغير لا أب له -، وللمساكين ولابن السبيل الفقير منا، ويعم الإمام الأربعة الأخيرة والأخماس الأربعة للمرتزقة فيعطي كلًّا بقدر حاجة مموّنه". وفي مذهب الحنابلة روايتان، إحداهما: يصرف في جميع مصالح المسلمين من غير تخميس، وهو قول عامتهم. والثانية: يخمس. يُنظر: "المحرر في الفقه"، لأبي البركات بن تيمية (٢/ ١٨٨)؛ حيث قال: "فيصرف في مصالح الإسلام، وعنه خمسه لأهل الخمس وبقيته للمصالح، ويبدأ بالأهم فالأهم من سد الثغور وكفاية أهلها وغيرهم من جند المسلمين، ثم بالأهم فالأهم من سد البثوق وكرى الأنهار وعمل القناطر وأرزاق القضاة والمفتين والمؤذنين ونحوهم من كل ذي نفع عام، وإن فضل منه فضل قسم بين المسلمين غنيهم وفقيرهم". وانظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٦٥١). (١) مذهب المالكية، يُنظر: "المدونة"، لسحنون (١/ ٣٤٧)؛ حيث قال: "قلت لابن القاسم: ما قول مالك في هذا الفيء أيساوي بين الناس فيه أم يفضل بعضهم على بعض؟ قال: قال مالك: يفضل بعضهم على بعض ويبدأ بأهل الحاجة حتى يغنموا منه". ما ذكره الشارح هو تفريع للمسألة؛ إذ إن الفقهاء انقسموا فريقين كما سبق: الجمهور على عدم التخميس والشافعية على التخميس. أما هذه الصورة التي ذكرها الشارح ففي مذهب المالكية، يُنظر: "القوانين الفقهية"، لابن جزي (ص ١٠١)؛ حيث قال: "سيرة أئمة العدل في الفيء والخمس: أن يبدأ بسد المخاوف والثغور واستعداد آلة الحرب وإعطاء المقاتِلة، فإن فضل شيء فللقضاة والعمال وبنيان المساجد والقناطر، ثم يفرق على الفقراء، فإن فضل شيء فالإمام مخير بين تفريقه على الأغنياء وحبسه لنوائب الإسلام". وفي مذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (٦/ ٤٥٥)؛ حيث قال: "الفيء مخموس، كما تخمس الغنيمة، في إحدى الروايتين. وهو مذهب الشافعي. والرواية الثانية، لا يخمس. نقلها أبو طالب، فقال: إنما تخمس الغنيمة. قال القاضي: لم أجد مما قال الخرقي من أن الفيء مخموس نصًّا فأحكيه، وإنما نص على أنه غير مخموس. وهذا قول عامة أهل العلم".