للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَكُلُّ هَذِهِ مَسَائِلُ اجْتِهَادِيَّةٌ لَيْسَ فِيهَا تَوْقِيفٌ شَرْعِيٌّ، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مَبْنِيٌّ عَلَى هَلْ يُقْتَلُونَ أَمْ لَا؟ أَعْنِي هَؤُلَاءِ الأَصْنَافَ).

المسائل أنواعٌ، فهناك مسائلُ قد جاء النَّصُّ عليها في كتاب الله وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما هو الحال في أصل الجزية، ومن هنا جاء إجماع العلماء عليها.

وهناك مسائلُ قد وَرَدَتْ في كتاب الله، لكن حصل فيها خلافٌ لِتَنَوُّعِ الأدِلَّة، فَحَصَلَ اختلاف العلماء فيها، فهذه مسائلُ خلافيةٌ اجتهاديةٌ.

فما عدا المجنون من هذه المسائل الأخيرة قد اختلف فيها العلماء، فبعضهم يرى وجوب الجزية عليهم وبعضهم لا يرى وجوبها، وبعضهم يرى الوجوب إلا في حالة العجز، فيرى أن يدخلوا حينئذٍ في الإسلام حتى يحوزوا خَيْرَيِ الدنيا والآخرة وسعادَتَهُمَا.

ونحن عندما تَكَلَّمْنَا عن قَصْرِ الصلاة في السفر تَحَدَّثْنَا عن الغاية من السفر، فالذي يسافر سفرَ طاعةٍ تَقَرُّبًا إلى الله - سبحانه وتعالى - أو سفرًا مباحًا - كَمَنْ يسافر للتجارة أو الصيد - لا شك أن هذا له أن يَقصُرَ الصلاةَ، لكن الذي يسافر سفرَ معصيةٍ - كمن يسافر ليسرق أو يقتل أو يقطع الطريق أو يرتكب جريمةً ما - هذا لا يُرَخَّصُ له في قَصْرِ الصلاة، وجمهور العلماء على هذا؛ لأن في الترخيص له بقصر الصلاة إعانةً له على جريمته، ومن العلماء من أجاز له ذلك.

كذلك إباحة أكل الميتة بالنسبة للمضطر، فالمعلوم في ديننا أن الميتة يَحْرُمُ أكلها؛ لقول الله - سبحانه وتعالى -: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣].

وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ" (١).


(١) أخرجه أحمد (٥٧٢٣) عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لنا ميتتان ودمان: الميتتان: الحوت والجراد، والدمان: الكبد والطحال". وصححه الألباني في "الإرواء" (٢٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>