للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديث عمرو بن حزم فالسند ضعيفٌ كما قالوا، لكن من حيث قبول الناس له، واستنادهم عليه فيما جاء فيه من أحكام الزكاة والدِّيات وغيرها، وتلقِّيهم له بالقبول يدل على أنَّ له أصلًا، وكثيرًا ما يكون قبول النَّاس للحديث سواء كان في الأمور العلمية أو العملية قائمًا مقام السند، أو أكثر، والحديث يُستدل به من زمن التَّابعين إلى وقتنا هذا، فكيف نقول: لا أصلَ له؟ هذا بعيدٌ جدًّا.

قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِيجَابِ الوُضُوءِ عَلَى الجُنُبِ فِي أَحْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ؛ فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إِلَى اسْتِحْبَابِهِ دُونَ وُجُوبِهِ (١)، وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (٢) إِلَى وُجُوبِهِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ: "أَنَّهُ ذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ" (٣)، وَهُوَ أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ).

قالوا: إذا عاود الجنب الجماع فالوضوء عليه فرض بينهما، لما جاء عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءا"، وفي لفظ: "إذا أراد أن يعود فلا يعود حتى يتوضأ".


(١) للمؤلف؟
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ١٠٠)؛ حيث قال: "إلا معاودة الجنب للجماع فالوضوء عليه فرض بينهما. للخبر الذي رويناه من طريق حفص بن غياث وابن عيينة كلاهما عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءًا" هذا لفظ حفص بن غياث ولفظ ابن عيينة "إذا أراد أن يعود فلا يعود حتى يتوضأ" ولم نجد لهذا الخبر ما يخصِّصه ولا ما يخرجه إلى الندب إلا خبرًا ضعيفًا من رواية يحيى بن أيوب، وبإيجاب الوضوء في ذلك يقول عمر بن الخطاب وعطاء وعكرمة وإبراهيم والحسن وابن سيرين".
(٣) أخرجه البخاري (٢٩٠)، ومسلم (٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>