للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- والرواية الثانية: أنها موكولةٌ لرأي الإمام، وهي الرواية التي تتفق مع مذهب الإمام أبي حنيفة (١).

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: الجِزْيَةُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ) (٢).

وهو الذي فعله عمر - رضي الله عنه - وعمل به المسلمون، أن الجزية اثنا عشر

درهمًا في حق الفقير، وأربعةٌ وعشرون في حق متوسط الحال، وثمانيةٌ وأربعون في حق الغنيِّ، بمعنى أنها تُضاعَف بين كل حال وما يليه في درجة اليُسْرِ، ونُقِلَ عن عمر أيضًا أنه قَرَّرَهَا خمسين درهمًا في حق الغنيِّ (٣).

قوله: (لَا يُنْقَصُ الفَقِيرُ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَلَا يُزَادُ الغَنِيُّ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَالوَسَطُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا) (٤).

فَقَدْ رَاعَى العلماء قدرة هذا الفقير، بمعنى أن يكون قادرًا على ذلك لا عاجزًا عنه، فهذا كله محمولٌ على التيسير ومراعاة أحوال الناس ومصالحهم، فالشريعة الإسلامية لا تراعي فقط مصالح المسلمين وأحوالهم، وإنما تراعي مصالح الناس جميعًا وأحوالهم، كما قال تعالى:


(١) ستأتي.
(٢) انظر: "مختصر القدوري" (ص ٢٣٦)، وفيه قال: "والجزية على ضربين: جزية توضع بالتراضي والصلح؛ فتقدر بحسب ما يقع عليه الاتفاق، وجزية يبتدئ الإمام وضعها إذا غلب الكفار وأقرهم على أملاكهم فيضع على الغني الظاهر الغني في كل سنة ثمانية وأربعين درهمًا يأخذ منه في كل شهر أربعة دراهم، وعلى المتوسط الحال أربعة وعشرين درهمًا في كل شهر درهمين، وعلى الفقير المعتمل اثني عشر درهمًا في كل شهر درهمًا".
(٣) أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧/ ٤٠٦) عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي، قال: "وضع عمر بن الخطاب - يعني: في الجزية - على رؤوس الرجال: على الغني ثمانية وأربعين درهمًا، وعلى الوسط أربعة وعشرين، وعلى الفقير اثني عشر درهمًا".
(٤) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>