للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتبين بذلك أنها لا تختص بالنقدين؛ ولذلك أُثِرَ عن عليٍّ - رضي الله عنه - أنه كان يأخذ من كل صاحب صنعةٍ ما يوافق صنعته، فمَن يعمل بالمسامير يدفعها مسامير، ومَن يعمل بالمِسالِّ يدفعها مسالَّ (١)، ومَن يعمل بالآلات يدفعها آلاتٍ وهكذا (٢). وأُثِرَ عن عمر - رضي الله عنه - أنه أَخَذَ الأنعامَ (٣)؛ فهذا كله من باب مراعاة مصالح الناس.

قوله: (وَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ ضَرَبَ الجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، مَعَ ذَلِكَ أَرْزَاقُ المُسْلِمِينَ، وَضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (٤). وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ بَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ، فَوَضَعَ الجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ).

والسواد هي سواد العراق، ومن المعلوم أن بلاد الشام والعراق ومصر إنما فُتِحَت عنوةً وضُرِبَ عليها الخراجُ.

قوله: (ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ، وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَاثْنَيْ عَشَرَ، فَمَنْ حَمَلَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ كُلَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ، وَتَمَسَّكَ فِي ذَلِكَ بِعُمُومِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ جِزْيَةٍ) (٥).


(١) المسلة بالكسر: واحدة المَسَالِّ، وهي الإبر العظام. انظر: "الصحاح"، للجوهري (٥/ ١٧٣١).
(٢) أخرجه ابن زنجويه في كتاب "الأموال" (١/ ١٦٧) عن حميد الطويل، قال: كان علي يأخذ الجزية من كل ذي صنع، من صاحب الإبر إبر، ومن صاحب المسال مسال، ومن صاحب الخبال حبال، ثم يدعو العرفاء فيعطيهم الذهب والفضة، فيقسمونه، ثم يقول: خذوا هذا فاقتسموه، فيقولون: لا حاجة لنا فيه فيقول: أخذتم خياره وتركتم علي شراره، لتحملن".
(٣) أخرج مالك في "موطئه" برواية أبي مصعب الزهري (١/ ٢٩١) عن زيد بن أسلم: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يؤتى بنعم كثيرة من نعم الجزية".
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) أخرج أبو عبيد في كتاب "الأموال" (ص ٧٤) عن حارثة بن مضرب، عن عمر: "أنه أراد أن يقسم السواد بين المسلمين، فأمر أن يحصوا فوجد الرجل يصيبه ثلاثة من =

<<  <  ج: ص:  >  >>