للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض العلماء اتَّجه إلى رأي أبي حنيفة، وأن الرواية المشهورة أيضًا عن الحنابلة (١) أنهم قالوا بذلك خروجًا من الخلاف (٢)؛ لأن هذا التقسيم فيه خروجٌ من الخلاف، لأن من يأخذ بكونها دينارًا يشمله الخلاف، فهذا هو الأحوط.

قوله: (إِذْ لَيْسَ فِي تَوْقِيتِ ذَلِكَ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ).

الذي نقوله هاهنا: أن الحديث إذا صحَّ وَجَبَ العمل به، سواءٌ كان في "الصحيحين" أو في غيرهما، وليس شرطًا أن يَوِدَ الحديثُ مُتَّفَقًا عليه، فأكثر ما جاء في سُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس موجودًا "بالصحيحين"، فالأحاديث الصحيحة نَافَتْ (٣) على أربعين ألف حديثٍ، وما ورد "بالصحيحين" لا يزيد عن ستة آلاف حديثٍ، فغالب أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هي خارج "الصحيحين"، فالإمامان البخاري ومسلمٌ وَضَعَا شروطًا شديدةً من أجل الحيطة في أَخْذِ أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد وُجِدَت أحاديث خارج "الصحيحين" تنطبق عليها أيضًا شروطُهما (٤).


= الفلاحين فشاور في ذلك، فقال له علي بن أبي طالب: دعهم يكونوا مادة للمسلمين، فتركهم وبعث عليهم عثمان بن حنيف، فوضع عليهم ثمانية وأربعين، وأربعة وعشرين، واثني عشر".
(١) سبق ذكر أن الرواية المشهورة عن الحنابلة هي أن ذلك موكول إلى اجتهاد الإمام.
انظر: "الإنصاف"، للمرداوي (٤/ ١٩٣)، وفيه قال: " (والمرجع في الجزية والخراج إلى اجتهاد الإمام، من الزيادة والنقصان) هذا المذهب. وعليه أكثر الأصحاب".
(٢) قال ابن قدامة: "إلا أن المستحب جعلها على ثلاث طبقات، كما ذكرناه، لنخرج من الخلاف". انظر: "المغني" (٩/ ٣٣٥).
(٣) نافَ يَنوف نَوفًا، إذا طال وارتفع. انظر: "طلبة الطلبة"، للنسفي (ص ١٣٧).
(٤) قال النووي في "شرحه على مسلم" (١/ ٢٧): "استدرك جماعة على البخاري ومسلم أحاديث أخلَّا بشرطهما فيها ونزلت عن درجة ما التزماه، وقد ألف الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطنى في بيان ذلك كتابه المُسمَّى بـ "الاستدراكات والتتبع" وذلك في مائتي حديث مما في الكتابين، ولأبي مسعود الدمشقى أيضًا عليهما استدراك، ولأبي علي الغساني الجياني في كتابه "تقييد المهمل" في جُزء العلل منه استدراك أكثره على الرواة عنهما وفيه ما يلزمهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>