للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَإِنَّمَا وَرَدَ الكِتَابُ فِي ذَلِكَ عَامًّا؛ قَالَ: لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الأظْهَر، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

نَصُّ القرآن الكريم فَرَضَ الجزية ولم يُحَدِّد لها ميقاتًا، قال تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}، ولذا قال البعض: هذا متروكٌ للإمام، هو الذي يُحَدِّدُها ويَجْتَهِدُ في تحديدها، ويَنظُر في أحوال الناس وقدرَتِهِم على أدائها، ولكل مقامٍ مقالٌ (١).

قوله: (وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حَدِيثِ مُعَاذٍ وَالثَّابِتِ عَنْ عُمَرَ؛ قَالَ: أَقَلُّهُ مَحْدُودٌ، وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ (٢). وَمَنْ رَجَّحَ أَحَدَ حَدِيثَي عُمَرَ؛ قَالَ: إِمَّا بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ (٣)، وَإِمَّا بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَاثْنَيْ عَشَرَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (٤)، وَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ مُعَاذٍ؛ لِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ، قَالَ: دِينَارٌ فَقَطْ، أَوْ عِدْلُهُ مَعَافِرَ، لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ) (٥).

والمتأمل هاهنا لعله يلمس الغاية من اختلاف الفقهاء، وأن اختلافهم إنما كان بُغْيَتُهُ الوصول إلى الحق ليس إلا، هذا نقوله لمن يدندنون (٦) كثيرًا حول اختلاف الفقهاء هل هو ممدوح أم مذموم، وهل نأخذ بآرائهم الخلافية أم لا.

قوله: (وأَمَّا المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ مَتَى تَجِبُ الجِزْيَةُ؟).

والكلام هنا عن توقيت أداء الجزية، بمعنى: هل يشترط لأدائها حَوَلان الحول أم لا، وهل يلزم بلوغ النصاب بالنسبة للمكتال أم لا.


(١) وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، كما سبق.
(٢) وهو معتمد مذهب الشافعية ورواية عن الحنابلة كما سبق.
(٣) وهو مذهب المالكية كما سبق.
(٤) وهو مذهب الأحناف كما سبق.
(٥) وهو رواية عن أحمد كما سبق.
(٦) الدندنة: أن يتكلَّم الرجل بالكلام تسمع نغمته ولا تفهم عنه لأنه يُخفيه. انظر: "غريب الحديث"، لأبي عبيد القاسم بن سلام (١/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>