للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الحَوْلِ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ الجِزْيَة، وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ حُلُولِ الحَوْلِ، لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ).

وهذا هو مذهب الشافعي؛ فإنه يرى أنها واجبةٌ عليه لا تسقط؛ لأنه يراها دَينًا قد تَعَلَّقَ بذمته، وهذا الدَّين فيه حقوق للآخرين، فلا تسقط عنه هذه الحقوق بعد أن استقرت وثبتت في ذمته (١).

وللشافعي قول آخر أنه لو أسلم أثناء الحول، فإنه يسقط عنه بمقدار ما تبقى ويلزمه أداء مقدار ما مضى، فلو أسلم - مثلًا - في منتصف العام لَزِمَهُ نصفُ الجزيةِ المحدَّدةِ عليه (٢).

قوله: (وَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الحَوْلِ؛ لِأَنَّ الحَوْلَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا (٣)، فَإِذَا وُجِدَ الرَّافِعُ لَهَا (وَهُوَ الإِسْلَامُ) قَبْلَ تَقَرُّرِ الوُجُوبِ، أَعْنِي: قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِ الوُجُوبِ، لَمْ تَجِبْ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا بَعْدَ انْقِضَاءِ الحَوْلِ، لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ، فَمَنْ رَأَى أَنَّ الإِسْلَامَ يَهْدِمُ هَذَا الوَاجِبَ فِي الكُفْرِ كمَا يَهْدِمُ كثِيرًا مِنَ الوَاجِبَاتِ، قَالَ: تَسْقُطُ عَنْهُ؛ وَإِنْ كَانَ إِسْلَامُهُ بَعْدَ الحَوْلِ (٤)، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ لَا يَهْدِمُ الإِسْلَامُ هَذَا الوَاجِبَ كمَا لَا يَهْدِمُ كثِيرًا مِنَ الحُقُوقِ المُرَتَّبَةِ مِثْلَ الدُّيُون وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ: لَا تَسْقُطُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الحَوْلِ (٥)، فَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هُوَ: هَلِ الإِسْلَامُ يَهْدِمُ الجِزْيَةَ الوَاجِبَةَ أَوْ لَا يَهْدِمُهَا؟).


(١) وهو مشهور مذهب الشافعية كما سبق.
(٢) انظر: "التنبيه"، للشيرازي (ص ٢٣٨)، وفيه قال: "ومن مات أو أسلم في أثناء الحول فقد قيل: يؤخذ منه لما مضى، وقيل. فيه قولان:
أحدهما: أنه لا يجب عليه شيء.
والثاني: يجب لما مضى بقسطه وهو الأصح".
(٣) سبق.
(٤) وهو الجمهور كما سبق.
(٥) وهم الشافعية كما تقدم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>