للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للخراج، فالإسلام يحفظ هذه الحقوق لا يُسقِطها، وهذا ما بنى الشافعية عليه قولهم (١)، وعللوه بأن هذا الحق ارتبط بذمة هذا الذمي الذي وجبت عليه الجزية، فقد تعيَّنَت في ذمته وأصبَحَت حقًّا لغيره، كما أن الزكاة حقٌّ من حقوق الفقراء يجب إخراجها لهم إذا ما حال الحول عليها وليس للإنسان أن يتصرف فيها.

ومن هنا جاء تَرَدُّدُ العلماء في المسألة؛ حيث اختلفوا في إلحاقه بين هاتين القضيتين.

وقاعدة الحقوق قاعدة مهمة جدًّا، وينبغي لنا أن نعلم أن الحقوق على ثلاثة أنواع:

- فهناك حقوق خاصة بالله - سبحانه وتعالى -، كعبادته - سبحانه وتعالى - وحده لا شريك له، كما قال تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤)} [الزمر: ١٤].

- وحقوق خاصة بالمخلوقين، كحق الإنسان أن يتصرف في ماله، فلو وجدنا إنسانًا سفيهًا نحجر عليه، ولو وجدنا إنسانًا ينفق أمواله في المعاصي فإنه يوقف عند حده.

- وهناك حقوق مشتركة، كالحدود، فإن الحدَّ يتضمن حقًّا لله - سبحانه وتعالى -، وحقًّا لمن وقع عليه الأذى.

ولذا؛ فقد جاء في أبواب النذر أن عمر - رضي الله عنه - لَمَّا نَذَرَ في الجاهلية أن يعتكف ليلةً في المسجد الحرام، وَسَأَلَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ" (٢).


= وانظر في مذهب الحنابلة: "المغني"، لابن قدامة (٩/ ٣٤٢)، وفيه قال: "ولأن الجزية عقوبة تجب بسبب الكفر، فيسقطها الإسلام، كالقتل. وبهذا فارق سائر الديون". وانظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٣/ ٤٠٢).
(١) سبق.
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٤٣)، ومسلم (٢٧/ ١٦٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>