للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وأَمَّا المَسْأَلَةُ الخَامِسَة، وَهِيَ: كَمْ أَصْنَافُ الجِزْيَةِ؟ فَإِنَّ الجِزْيَةَ عِنْدَهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: جِزْيَةٌ عَنْوِيَّةٌ، وَهِيَ هَذِهِ الَّتِي تَكَلَّمْنَا فِيهَا، أَعْنِي: الَّتِي تُفْرَضُ عَلَى الحَرْبِيِّينَ بَعْدَ غَلَبَتِهِمْ) (١).

المؤلف هاهنا يُفَصِّلُ أنواعَ الجزية، ويبين أنها ليست على نسق واحد وإنما تختلف أنواعها.

وأصناف الجزية إنما هي ثلاثة:

- النوع الأول: الجِزْيَةُ العَنْوِيَّةُ: وهي التي تُفرَض على الحربيِّ الذي لا يريد الدخول في الإسلام بعد أن يُغْلَبَ، حينما لا يجد أمامه إلا أن يدفعها أو تُضرَب عُنُقُه، وهي التي أشار الله إليها - سبحانه وتعالى - في قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.

وكذلك أُشِيرَ إليها في حديث المغيرة مع جندي كسرى في فتح نهاوند، حين قال: "أَمَرَنَا نبيُّ ربِّنا أن نُقاتِلَكُم حتى تَعبُدوا اللَّهَ وحدَه أو تؤدوا الجزية" (٢).

وفي حديث بريدة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وفي من معه من الجند أَمَرَهُ أن يَدْعُوَ أولئك الأقوام إلى إحدى خصالٍ ثلاثٍ، وقد جاء في الحديث: "فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ" (٣).

قوله: (وَجِزْيَةٌ صُلْحِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي يَتَبَرَّعُونَ بِهَا لِيُكَفَّ عَنْهُمْ، وَهَذِهِ لَيْسَ فِيهَا تَوْقِيتٌ، لَا فِي الوَاجِبِ، وَلَا فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَا مَتَى


(١) سبق.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>