للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْهُ مَنْعُ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِلْجُنُبِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، وَرُوِيَ عَنْهُ إِبَاحَةُ ذَلِكَ).

قال قوم: يستحبُّ الوضوء للجنب إذا أراد الأكل أو النَّوم ولرد السلام ولذكر الله تعالى، وليس ذلك بواجب.

فإن قيل: فهلَّا أوجبتم ذلك كله لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر" ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذ ذكر له أنه تصيبه الجنابة من الليل -فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَوَضَّأْ وَاغْسل ذكرك وَنَمْ"، ولما روته عائشة - رضي الله عنه - "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة".

قلنا وبالله تعالى التوفيق: أمَّا الحديث في كراهة ذكر الله تعالى إلا على طُهرٍ فإنه منسوخٌ بما رواه عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته".

فهذه إباحةٌ لذكر الله تعالى بعد الانتباه من النوم في الليل وقبل الوضوء نصًّا، وهي فضيلةٌ، والفضائل لا تُنسخ لأنَّها من نعم الله علينا، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣] وهذا أمرٌ باقٍ غير منسوخ بلا خلافٍ من أحدٍ.

وأما أمره - عليه الصلاة السلام - بالوضوء فهو ندبٌ، لما روته عائشة أم المؤمنين قالت "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام جنبًا ولا يمس ماء".


=عن شيء فقلنا: عم سألته؟ فقال: سألته عن الرجل يجامع امرأته، ثم يريد أن يعود، فقال: "يتوضأ"

<<  <  ج: ص:  >  >>