للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لفظ يدل على مداومته - صلى الله عليه وسلم - لذلك وهي - رضي الله عنهما - أحدث الناس عهدا بمبيته ونومه جنبًا وطاهرًا.

(المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ذَهَبَ مَالِكٌ (١)، وَالشَّافِعِيُّ (٢) إِلَى اشْتِرَاطِ الوُضُوءِ فِي الطَّوَافِ).

أي: يَحْرُم على المحدث الطوافُ بالبيت، سواء كان هذا الطواف نُسكًا في حجٍّ، أو عمرةٍ أو تطوعًا، كما لو طاف في سائر الأيام.

قوله: (وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣) إِلَى إِسْقَاطِهِ).

قال: إنَّ الطواف لا تُشترط له الطهارة، ولا يَحرُم على المحدث أنْ يَطُوفَ، وإنما الطهارة فيه أكمل.

واستدل: بأنَّ الأصل براءة الذمة حتى يقوم دليلٌ على تحريم هذا الفعل إلا بهذا الشرط، ولا دليل على ذلك، ولم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا من الدهر: لا يقبل الله طوافًا بغير طهور، أو: لا تطوفوا حتى تطهروا.

وإذا كان كذلك فلا نُلزم النَّاس بأمرٍ لم يكن لنا فيه دليل بيِّن على إلزامهم، ولا سيَّما في الأحوال الحرجة كما لو انتقض الوضوء في الزَّحمة الشَّديدة في أيام الموسم، فيلزمه على هذا القول إعادة الوضوء، والطواف من جديد.


(١) يُنظر: "روضة المستبين في شرح كتاب التلقين" لابن بزيزة (١/ ١٦٩)؛ حيث قال: "الطواف بالبيت، ومس المصحف، والمعول عليه من مذهبنا أنه كالصلاة، فإذا توضأ لذلك استباح (به) الصلاة؛ لأنَّ الوضوء مشروط في ذلك اشتراطه في الصلاة".
(٢) يُنظر: "التنبيه في الفقه الشافعي" لأبي إسحاق الشيرازي (ص: ١٧): "ومن أحدث حرم عليه الصلاة والطواف ومسّ المصحف وحمله".
(٣) يُنظر: "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" لابن مَازَةَ البخاري الحنفي (٢/ ٤٦٢)؛ حيث قال: "يجب أن يعلم بأنَّ الطواف عندنا صحيح بدون الطهارة، فالطهارة ليست من شرائط الطواف عندنا، بل هي من واجباته، وترك الواجب لا يمنع الاعتداد".

<<  <  ج: ص:  >  >>