للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: تَرَدُّدُ الطَّوَافِ بَيْنَ أَنْ يُلْحَقَ حُكْمُهُ بِحُكْمِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا يُلْحَقَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنَعَ الحَائِضَ الطَّوَافَ كمَا مَنَعَهَا الصَّلَاةَ" (١)، فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ مِنْ هَذِهِ الجِهَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الآثَارِ تَسْمِيَةُ الطَّوَافِ صَلَاةً، وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ شَئءٍ مَنَعَهُ الحَيْضُ، فَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي فِعْلِهِ إِذَا ارْتَفَعَ الحَيْضُ كالصَّوْمِ عِنْدَ الجُمْهُورِ).

أدلة الجمهور على ذلك:

١ - أنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حين أراد الطواف توضأ ثم طاف.

٢ - حديث صفية لما قيل له: إن صفية قد حاضت، وظن أنها لم تطف للإفاضة فقال: "أحابستنا هي؟ ".

والحائض معلوم أنها غير طاهر.

٣ - حديث عائشة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها حين حاضت: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت".

٤ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الطواف بالبيت صلاة؛ إلا أنَّ الله أباح فيه الكلام؛ فلا تكلموا فيه إلا بخير".

٥ - استدل بعضهم بقوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)} [البقرة: ١٢٥].

وجه الدلالة: أنَّه إذا وجب تطهير مكان الطائف، فتطهير بدنه أولى، وهذا قول جمهور العلماء.


(١) أخرجه البخاري (٣٠٥): عن عائشة، قالت: خرجنا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت، فدخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: "ما يبكيك؟ " قلت: لوددت والله أني لم أحج العام، قال: "لعلك نفست؟ " قلت: نعم، قال: "فإنَّ ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري".

<<  <  ج: ص:  >  >>