للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي بعض الروايات جاء التنصيص على رجل باع سلعة بعد العصر فحلف بالله وهو كاذبٌ (١).

وما أكثر الذي يحلفون كذبًا على سلعتهم في هذا الزمان، وأيضًا جاء في بعض الروايات التي رَوَت حديث الثلاثة الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم: "رجل معه ماء في فلاة فمنع منه ابن السبيل" (٢)، عندما يكون الإنسان في صحراء ويمر به إنسانٌ قد تَقطَّعَت به السُّبُلُ ويريد قطرةً من الماء، فيسأل هذا أن يُقدِّم له قليلًا من الماء يروي به عطشه ويدفع عنه الموت فيمتنع؛ ففي هذا الحديث يستوي هذا والذي يُرَوِّجُ سلعته بالحلف الكاذب.

وأما الإجماع: فقد أجمع العلماء على مشروعية الأيمان (٣)، وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبِيَّهُ أن يُقسِمَ، فقال عز وجل: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ} [التغابن: ٧].

وقد أقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الكسوف مرارًا، فقال: "ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته" (٤).

وقال كذلك في نفس هذه الخطبة: "يا عباد الله، والله لو تعلمون ما


= يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم" قال: فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرار، قال أبو ذر: خابوا وخسروا! من هم يا رسول الله؟ قال: "المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب".
(١) أخرجه البخاري (٢٣٦٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٥٨)، ومسلم (١٠٧) سمعت أبا هيرة - رضي الله عنه -، يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط، ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال: والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا، فصدقه رجل" ثم قرأ هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}.
(٣) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (٩/ ٤٨٧)؛ حيث قال: "وأجمعت الأمة على مشروعية اليمين، وثبوت أحكامها".
(٤) أخرجه البخاري (١٠٤٤)، ومسلم (٩٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>