للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخلوقاته في مَوَاطِنَ كثيرةٍ من كتابه العزيز، كما هو الحال في قوله تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١)} [الصافات: ١]، وقوله: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (١)} [الذاريات: ١]، وقوله: {وَالطُّورِ (١)} [الطور: ١]، وقوله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١)} [النجم: ١]، وقوله: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (١)} [البروج: ١]، وقوله: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (١)} [النازعات: ١]، وقوله: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١)} [المرسلات: ١]، وقوله: {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)} [الضحى: ١، ٢].

والجواب: أنَّ لله سبحانه وتعالى أنْ يُقسِمَ بما شاء مِن خَلقِه؛ لأنه هو المُتَصَرِّف في ذلك الكون والمهيمن عليه، وهو الذي خَلقَهُ ودَبَّرَه، فله سبحانه وتعالى أن يَفعَل ما يشاء؛ حيث لا رادَّ لِحُكمِهِ ولا دَافِعَ لقضائه، وإنما أَمْرُهُ إذا أراد شيئًا أن يقول له: (كن) فيكون، فالله سبحانه وتعالى أقْسَمَ بهذه الأشياء؛ لأن قَسَمَهُ بها يَدُلُّ على عَظَمَتِهِ لأنها من جملة مخلوقاته، فلا يجوز لأحدٍ أن يَضَعَ نفسه في مصاف رَبِّهِ، وإنما جِماع الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحلفوا بآبائكم، مَن حَلَفَ بغير الله فقد كَفَرَ" أو: "أَشْرَكَ" (١).

قوله: (فَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الأَثَرِ وَالكِتَابِ بِأَنْ قَالَ: إِنَّ الأَشْيَاءَ الوَارِدَةَ فِي الكِتَابِ المَقْسُومَ بِهَا فِيهَا مَحْذُوفٌ - وَهُوَ اللَّهُ تبَارَكَ وَتَعَالَى - وَأَنَّ التَّقْدِيرَ: وَرَبِّ النَّجْمِ، وَرَبِّ السَّمَاءِ، قَالَ: الأَيْمَانُ المُبَاحَةُ هِيَ الحَلِفُ بِاللَّهِ فَقَطْ).

الجواب الصحيح الحاسم في ذلك: هو أن لله سبحانه وتعالى أن يُقسِمَ بما شاء مِن خَلقِهِ؛ لأن هذه الأشياء التي يُقسِمُ الله سبحانه وتعالى بها إنما هي دليلٌ على عَظَمَتِهِ؛ لأنه إذا أَقْسَمَ بالملائكة أو بوَقْتٍ من الأوقات أو بغير ذلك من الأُمور فذلك دليلٌ على تعظيم الله - سبحانه وتعالى -؛ لأنه هو الذي خَلَقَ تلك


(١) أخرجه الترمذي (١٥٣٥) عن سعد بن عبيدة: أن ابن عمر سمع رجلًا يقول: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول -: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٥٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>