للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمورَ العظيمةَ، وإذا كان خالق هذه الأُمور العظيمة هو الله سبحانه وتعالى فهو المُستَحِقُّ أن يُقسَمَ به دون غيره.

قوله: (وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ المَقْصُودَ بِالحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ: ألَّا يُعَظَّمَ مَنْ لَمْ يُعَظِّمِ الشَّرْعُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيهِ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ" (١)).

هذه التأويلات والتعليلات لا يُعْتَدُّ بها مع وجود نصوصٍ صحيحةٍ صريحةٍ تَمْنَعُ القَسَمَ بغير الله - سبحانه وتعالى -.

قوله: (وَأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ العَامُّ، أَجَازَ الحَلِفَ بِكُلِّ مُعَظَّمٍ فِي الشَّرْعِ؛ فَإِذَنْ سَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي بِنَاءِ الآيِ وَالحَدِيثِ).

وسبب الخلاف ليس كما ذكر المؤلف: ولكن الذين يجيزون الحلف بغير الله مما يعظمه الإنسان مما لم يَرِدِ الشَّرع بإجازة القسم به، إنما يستدلون بقصة الرجل الذي جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن الإسلام فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ"، فقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ فقَالَ: "لا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ"، فقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرهُ؟ فقَالَ: "لا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُل، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ" (٢).

وقد جاء في روايةٍ ليست مشهورةً: "أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ" (٣)؛


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٤٦)، ومسلم (١١/ ٨).
(٣) أخرجه مسلم (٩/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>