للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستدلوا من قسم الرسول هاهنا بأبي الرجل على جواز الحلف بالمخلوقين.

وقد أجاب العلماء عن ذلك بأن الروايات الأصح والمشهورة ليس فيها لفظ: "وأبيه" (١).

واستدلوا كذلك بدليل آخر، وهو حديث أبي العُشَرَاءِ، الذي قال فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "وَأَبِيكَ لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخْذِهَا لأَجْزَأَتْكَ" (٢) أو: "لأَجْزَأَ عَنْكَ" (٣)، وأن في هذا دليلًا على جواز الحلف بغير الله تعالى.

وقد أجاب العلماء عن ذلك بأن الإمام أحمد قد تَكَلَّمَ عن جهالة أبي العُشَرَاءِ (٤)، وبأن العلماء لم يأخذوا بهذا الحكم في الذبح بالفخذ،


(١) يُنظر؛ "طرح التثريب"، للعراقي (٧/ ١٤٤)؛ حيث قال: "إن قلت: كيف الجمع بين هذا الندي وبين قوله - عليه الصلاة والسلام - في قصة الأعرابي: "أفلح وأبيه إن صدق"؟
(قلت): أجيب عن ذلك الحديث بأجوبة:
(أحدها): تضعيف ذلك الحديث، وإن كان في الصحيح قال ابن عبد البر: هذا لفظ غير محفوظ في هذا الحديث من حديث مَن يحتج به، وقد روى هذا الحديث مالك وغيره لم يقولوا ذلك، وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث، وفيه: "أفلح والله إن صدق"، و"دخل الجنة والله إن صدق"، وهذا أولى من رواية من روى (وأبيه)؛ لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح. وانظر: "كشف المشكل من حديث الصحيحين"، لابن الجوزي (١/ ٥٢).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٨٩٤٨) ولفظه: "وأبيك لو طعنت في فخذها لأجزأك". وضعفه إسناده الأرناؤوط.
(٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ٤١٣).
(٤) يُنظر: "البدر المنير"، لابن الملقن (٩/ ٢٤٥ - ٢٤٦)؛ حيث قال: "فإن أبا العشراء الدارمي - بضم العين وبالمد على الهمز - فيه جهالة، وقد تكلَّم البخاري وغيره في حديثه. قال الميموني: سألت الإمام أحمد عن حديثه هذا فقال: هو عندي غلط، ولا يعجبني، ولا أذهب إليه إلا في موضع ضرورة. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد. وقال البخاري في "تاريخه": في حديث أبي العشراء واسمه وسماعه من أبيه نظر".

<<  <  ج: ص:  >  >>