للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى هذا: أن هذه الأيمان تلزم في أبواب الطاعات، كالحج والجهاد ومثل ذلك، أما المعاصي فلا تلزم فيها.

فبعض العلماء يُدخِل هذا في أحكام النذور، وهناك شبه وتداخل بين النذر والأيمان في بعض الأحكام؛ ولذلك نجد أكثر الفقهاء يُصَنِّفُون كتابًا واحدًا يشمل البابين، فيقولون: [كتاب الأيمان والنذور]، لكن المؤلِّف فَصَلَ بينهما هاهنا؛ حيث بدأ أولًا بالأيمان، ثم انتقل بعد ذلك إلى النذور.

قوله: (وَفِيمَا إِذَا التَزَمَهُ الإِنْسَانُ لَزِمَهُ بِالشَّرْعِ، مِثْلَ الطَّلَاقِ وَالعِتْقِ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ فِيهَا كفَّارَة أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ (١) إِلَى أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَثِمَ وَلَا بُدَّ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ (٢)، وَأَحْمَدُ (٣)، وَأَبُو عُبَيْدٍ (٤) وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ هَذَا الجِنْسَ مِنَ الأَيْمَانِ فِيهَا الكَفَّارَةُ إِلَّا الطَّلَاقَ وَالعِتْقَ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ (٥): يُكَفِّرُ مَنْ حَلَفَ بِالعِتْقِ. وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ (٦). وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ هِيَ يَمِينٌ أَوْ نَذْرٌ؟).

وقد بَيَّنَ المؤلف هاهنا سبب اختلافهم في المسألة، فبعضهم بنى المسألة على أنها يمينٌ، وبعضهم بناها على أنها نذرٌ.


(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم.
(٤) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٥/ ١٨١)؛ حيث قال: "واختلفوا في العتق فقال أكثرهم: الطلاق والعتق سواء لا كفارة في العتاق كما لا كفارة في الطلاق، وهو لازم للحالف به كلزوم الطلاق وممن قال ذلك … وأبو عبيد".
(٥) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٥/ ١٨١)؛ حيث قال: "وقال أبو ثور: من حلف بالعتق فعليه كفارة يمين ولا عتق عليه".
(٦) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٥/ ١٨٢)؛ حيث قال: "وقد روي عن عائشة: "كل يمين ليس فيها طلاق ولا عتق فكفارتها كفارة يمين"".

<<  <  ج: ص:  >  >>