للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تأتي بصيغة الشَّرْطِ، هل تُعَدُّ من الأيمان أم من النذور، أم أنها ليست من هذا ولا ذاك.

* قوله: (المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ القَائِلِ: أُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ أَنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، هَلْ هُوَ يَمِين أَمْ لَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقِيلَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَي الشَّافِعِيِّ (١). وَقِيلَ: إِنَّهَا أَيْمَانٌ ضِدَّ القَوْلِ الأَوَّلِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢). وَقِيلَ: إِنْ أَرَادَ اللَّهَ بِهَا، فَهُوَ يَمِينٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِدِ اللَّهَ بِهَا، فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ) (٣).

وفي هذه المسألة يبين لنا المؤلِّف اختلاف العلماء في الفرق بين أن يأتي لفظ القَسَمِ مجردًا كقول الإنسان: (أشهد أن كذا قد حدث، أُقْسِمُ أن أفعل كذا)، وبين أن يأتي اللفظ مضافًا إلى اللّه أو إلى اسم من أسمائه أو صفة من صفاته - سبحانه وتعالى -، كقوله: (أقسم بالله، أُشْهِدُ اللهَ، أَحلِفُ بالله، أُعَاهِدُ اللهَ، وَأَمَانَةِ اللهِ).


(١) يُنظر: "تحفة المحتاج"، للهيتمي (١٠/ ١٠)؛ حيث قال: "ولو قال: أقسمت أو أقسم أو حلفت أو أحلف) أو اليت أو أولي (بالله لأفعلن) كذا (فيمين إن نواها)، لاطراد العرف باستعمالها يمينًا وأيده بنيتها، (أو أطلق)، للعرف المذكور، وبه فارق شهدت أو أشهد بالله فإنه محتاج لنية اليمين به؛ لأنه لم يشتهر في اليمين، نعم هو في اللعان صريح كما مرَّ، أما مع حذف بالله فلغو، وإن نوى اليمين".
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (٣/ ٧)؛ حيث قال: "ولو قال: أقسم بالله أو أحلف أو أشهد بالله أو أعزم بالله كان يمينًا عندنا وعند الشافعي لا يكون يمينًا إلا إذا نوى اليمين … فإن لم يظهر بأن قال: أقسم أو أحلف أو أشهد أو أعزم كان يمينًا في قول أصحابنا الثلاثة وعند زفر لا يكون يمينًا".
(٣) يُنظر: "الشرح الصغير"، للدردير (٢/ ٢٠١ - ٢٠٢)، حيث قال: " (وأقسم وأشهد) بضم الهمزة فيهما (إن نوى بالله) وأولى إن تلفظ به في الثلاثة، (وأعزم إن قال)؛ أي: لفظ (بالله) بأن قال: أعزم بالله لأفعلن كذا، فيمين لا إن لم يقل بالله فليس بيمين، ولو نوى بالله؛ لأن معناه أقصد وأهتم، فإذا قال بالله اقتضى أن المعنى أقسم".

<<  <  ج: ص:  >  >>