للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن يفرق بينهما لغصة أصابته، أو كحة طرأت عليه، وقد يفرق بينهما بكلام أجنبي لا علاقة له بيمينه، وقد اختلف العلماء في هذه المسائل على النحو الذي سيورده المؤلف (١).

> قوله: (فَأَمَّا المَسْأَلَةُ الأُولَى: وَهِيَ اشْتِرَاطُ اتِّصَالِهِ بِالقَسَمِ: فَإِنَّ قَوْمًا اشْتَرَطُوا ذَلِكَ فِيهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ (٢). وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٣): لَا بَأْسَ بَيْنَهُمَا بِالسَّكْتَةِ الخَفِيفَةِ كَسَكْتَةِ الرَّجُلِ لِلتَّذَكُّرِ أَوْ لِلتَّنَفُّسِ أَوْ لانْقِطَاعِ الصَّوْتِ. وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ التَّابِعِينَ (٤): يَجُوزُ لِلحَالِفِ الاسْتِثْنَاءُ مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَكانَ ابْنُ عَبَّاسٍ (٥) يَرَى أَنَّ لَهُ الاسْتِثْنَاءَ أَبَدًا عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْهُ مَتَى مَا ذَكَرَ).

الأئمة الأربعة متفقون - من حيث الجملة - على أن الاستثناء لا بد أن يكون متصلًا بالقسم، لكن اختلفوا في تفاصيل ذلك، كأن يكون أصابته


(١) سيأتي مفصلًا.
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ١٢٩). حيث قال: "ثم أشار لشروط الاستثناء الأربعة بقوله: (إن اتصل) الاستثناء بالمستثنى منه، فإن انفصل لم يُفد كان مشيئة أو غيرها (إلا لعارض) لا يمكن رفعه؛ كسعال، أو عُطاس، أو انقطاع نَفَس، أو تثاؤب، لا لِتَذَكُّر، ورَدِّ سَلَام، ونحوهما، فيضر".
(٣) يُنظر: "تحفة المحتاج " للهيتمي (٨/ ٦١، ٦٢). حيث قال: (يصح الاستثناء) … (بشرط اتصاله) بالمستثنى منه عرفًا بحيث يعد كلامًا واحدًا، … (ولا يضر) في الاتصال (سكتة تَنَفُّس وعي) ونحوهما؛ كعروض سعال، وانقطاع صوت، والسكوت للتذكر، كما قالاه في الأيمان، ولا ينافيه اشتراط قصده قبل الفراغ؛ لأنه قد يقصده حالًا، ثم يتذكر العدد الذي يستثنيه وذلك؛ لأن ما ذكر يسير لا يعد فاصلًا عرفًا بخلاف الكلام الأجنبي".
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ١٩٤). حيث قال: "وكان قوم من التابعين يرون للحانث الاستثناء ما لم يقم من مجلسه، منهم طاوس والحسن البصري".
(٥) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ١٩٤). حيث قال: "وكان ابن عباس: يرى له الاستثناء أبدًا متى ما ذكر، ويتلو قول الله عزَّ وَجلّ: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}، وبه قال سعيد بن جبير ومجاهد".

<<  <  ج: ص:  >  >>