للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الرواية التي ذكرها المؤلف: "مَن حَلَفَ فقال: إن شاء الله؛ لم يَحنث" (١)، فقد تكلم فيها أهلُ العلم من حيث أن فيها اختصارًا، واختلفوا هل هو من فِعل عبد الرزاق، أم مِن فعل مَعمر؟

> قوله: (وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا: هَل يُؤَثِّرُ فِي اليَمِينِ إِذَا لَمْ تُوصَل بِهَا أَوْ لَا يُؤَثِّرُ؟ لاخْتِلَافِهِمْ هَلِ الاسْتِثْنَاءُ حَالٌّ لِلانْعِقَادِ أَمْ هُوَ مَانِعٌ لَهُ؟ فَإِذَا قُلنَا: إِنَّهُ مَانِعٌ لِلانْعِقَادِ لَا حَالٌّ لَه، اشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِاليَمِينِ، وإذَا قُلنَا: إِنَّهُ حَالٌّ، لَمْ يَلزَمْ فِيهِ ذَلِكَ).

وهذا الاختلاف فرع عن اختلافهم في الاستثناء: هل هو حال للانعقاد، أو هو مانع له؟

وفرق بين الأمرين؛ لأن الحل يحصل بعد أن يقع اليمين، فيأتي الاستثناء رافعًا للحكم بخلاف المنع. وهذا أمر متفق عليه عند الأصوليين والفقهاء (٢).

فإن قلنا: إنه مانع للانعقاد فيشترط أن يكون متصلًا باليمين؛ لأنه إذا كان مانعًا فلا بد أن يكون المانع متصلًا بالمستثنى منه.

وإذا قلنا: إنه حال لم يلزم ذلك؛ لأن الاستثناء رافع للحكم ملغٍ له، فلو قال إنسان: لأتصدقن بمائة ريال إن شاء الله؛ فإنه يكون بالخيار" إن شاء تصدق، وإن شاء لم يتصدق، لأنه فِعل مرتبط بمشيئة الله.

ومثله ما جاء في قصة سليمان بن داود عليهما السلام أنه قال:


= واستثنى - إن شاء رجع، وإن شاء ترك - غير حانث"، وصححه الألباني في " الإرواء" (٢٥٧٠).
(١) يُنظر: "سنن الترمذي" (١٥٣٢). حيث قال: "سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه عبد الرزاق"، وانظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (٤/ ٤٠٨).
(٢) يُنظر: "مختصر الروضة" للطوفي (٢/ ٦٠٣). حيث قال: "ثم إن الاستثناء رافع، بناءً على أنه إخراج بخلاف التخصيص؛ فإنه مبين لا رافع".

<<  <  ج: ص:  >  >>