للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُرِفَ الاسْتِثْنَاءُ إِلَى الشَّرْطِ الَّذِي عُلِّقَ بِهِ الطَّلَاقُ صَحَّ، وَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى نَفْسِ الطَّلَاقِ لَمْ يَصِحَّ (١). قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَالشَّافِعِيُّ (٣): "الاسْتِثْنَاءُ يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، سَوَاءٌ قَرَنَهُ بِالقَوْلِ الَّذِي مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الشَّرْطِ، أَوْ بِالقَوْلِ الَّذِي مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الخَبَرِ". وَسَبَبُ الخِلَافِ مَا قُلنَاهُ مِنْ أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ هَل هُوَ حَالٌّ أَوْ مَانِعٌ؟ فَإِذَا قُلنَا: مَانِعٌ، وَقُرِنَ بِلَفْظِ مُجَرَّدِ الطَّلَاقِ؟ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِيهِ، إِذْ قَدْ وَقَعَ الطَّلَاق، (أَعْنِي: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ: هِيَ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ المَانِعَ إِنَّمَا يَقُومُ لِمَا لَمْ يَقَعْ، وَهُوَ المُسْتَقْبَلُ. وَإِنْ قُلنَا: إِنَّهُ حَالٌّ لِلعُقُودِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأثِيرٌ فِي الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ، فَتَأَمَّل هَذَا؛ فَإِنَّهُ بَيِّنٌ. وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ المَالِكِيَّةِ: إِنَّ الاسْتِثْنَاءَ فِي هَذَا مُسْتَحِيلٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ وَقَعَ إِلَّا أَنْ يَعْتَقِدُوا أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ هُوَ مَانِعٌ لَا حَالٌّ، فَتَأَمَّلْ هَذَا؛ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ).


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ١٢٩). حيث قال: "فإن قال: يلزمه الطلاق إن شاء الله لَزِمه، وإن قال: والله لا فعلتُ كذا، أو لأفعلنَّ إن شاء الله نَفَعَه، ولا كفارة عليه".
(٢) يُنظر: "فتح القدير" لابن الهمام (٤/ ١٣٦، ١٣٧). حيث قال: " (وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله تعالى متصلًا لم يقعِ الطلاق)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن حَلَفَ بطلاقٍ أو عتاق، وقال: إن شاء الله تعالى، مُتَّصلا به فلا حِنث عليه".
وينظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٢/ ٢٤٣). حيث قال: "ولو قال: عبده حُرٌّ وعتيق إن شاء الله، صَحَّ فلا يعتق".
(٣) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٦/ ٤٧٠، ٤٧١). حيث قال: لا (ولو) (قال: أنت طالق إن) أو إذا أو متى مثلًا (شاء الله)، أو أراد، أو رضي، أو أحب، أو اختار، (أو) أنت طالق (إن) أو إذا مثلًا (لم يشأ الله، وقصد التعليق) بالمشيئة قبل فراغ اليمين ولم يفصل بينهما، وأسمع نفسه كما مَرَّ (لم يقع) … ، (وكذا يمنع) التعليق بالمشيئة (انعقاد تعليق)؛ كأنت طالق إن دخلتِ الدار إن شاء الله … (وعتق) تنجيزًا أو تعليقًا، (ويمين) كـ والله لأفعلنَّ كذا إن شاء الله، (ونذر) كعليَّ كذا إن شاء الله، (وكل تصرف) غير ما ذُكر من حلٍّ وعَقد وإقرار ونية عبادة".

<<  <  ج: ص:  >  >>