للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَنْزِلَةِ العَامِدِ، وَالشَّافِعِيُّ (١) يَرَى أَنْ لَا حِنْثَ عَلَى السَّاهِي، وَلَا عَلَى المُكْرَهِ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} المائدة: ٨٩]، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَامِدٍ وَنَاسٍ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" (٢)، فَإِنَّ هَذَيْنِ العُمُومَيْنِ يُمْكِنُ أَنْ يُخَصَّصَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ).

ذكر المؤلف رَحِمهُ اللهُ أَنْ لَا فرق عند مالك بين الناسي والساهي والمكره، وأنهم بمثابة العامد، وكذلك الملجأ وهو من هُدِّد وأُلجئ على أن يحلف يمينًا من الأيمان، والحقيقة أن في مذهبه تفصيلًا، فقد خالف في ذلك بعض المالكية وذكروا أن للناسي والمكره أحكامًا تخصهما (٣).

وذهب الشافعي رَحِمهُ اللهُ إلى أنه لا شيء عليهما (٤).

وذهب الحنابلة إلى التفصيل، فوافقوا الشافعية في أنه لا شيء على المكره والناسي (٥).


= بفعل المحلوف عليه مكرهًا، خلافًا للشافعي، (وكذا) يَحنث (لو فعله وهو مُغمى عليه أو مجنون)، فيُكَفِّر بالحِنث كيف كان".
(١) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١٠/ ٣). حيث قال: "وأجمعوا على انعقادها ووجوب الكفارة بالحِنث فيها، وشرط الحالف يُعلم مما مَرَّ في الطلاق وغيره، بل ومما يأتي من التفصيل بين القصد وعدمه، وهو مُكَلَّف أو سكران مختار قاصد، فخرج صبيّ ومجنون ومكره ولاغ".
(٢) لم أقف عليه بهذا اللفظ. وأخرجه ابن ماجه (٢٠٤٣) بلفظ: عن أبي ذر الغفاري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ الله قد تَجاوز عن أُمَّتي الخطأ، والنِّسيان، وما استكرهوا عليه"، وصححه الألباني في "الإرواء" (٨٢).
(٣) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ٢٣٤). حيث قال: " (قوله: وحنث بالنسيان)، أي: على المعتمد، خلافًا لابن العربي، والسيوري، وجمع من المتأخرين. حيث قالوا: بعدم الحنث بالنسيان، وفاقًا للشافعي".
(٤) تقدَّم.
(٥) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢٣٧). حيث قال: " (الثالث: الحنث في يمينه)؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>