للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية أُخرى في المذهب أن الناسي لا شيء عليه (١)، وأما المكره فإنه ينقسم إلى قسمين: مكره أُلجئ على هذا العمل، بمعنى: أكره عليه، ومكره لم يُلجأ، ولكنه هدد فخاف، فالأول كالناسي لا شيء عليه (٢)، وفي الثاني روايتان: رواية وافقوا فيها الشافعية، وأنه لا شيء عليه، والأخرى وافقوا فيها المالكية، وأنه بمثابة العامد (٣).

ثم ذكر المؤلف رَحِمهُ الله سبب اختلافهم في هذه المسألة، وهو ما يبدو من تعارض بين ظاهر الآية والحديث؛ قال تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [لمائدة: ٨٩]، وقال: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥]، فالآية مطلقة لم تفرق بين ناسٍ ومكره وعامد، وفي الحديث: "إنَّ اللهَ وَضَع عن أُمَّتي الخطأ والنِّسيان وما استكرهوا عليه" (٤).

والظاهر أن لا تعارض؛ فقد جاء الحديث مخصصًا لما جاء في


= لأن مَن لم يَحنث لم يَهْتِك حُرمة القسم (بأن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله، ولو معصية)؛ لأن الحنث الإثم، ولا وجود له إلا بما ذكره (مختارًا ذاكرًا، فإن فعله مكرهًا أو ناسيًا فلا كفارة) ".
(١) في المذهب روايات؛ أحدها: الحنث مطلقًا. والأُخرى: لا يَحنث الناسي والمُكره في غير الطلاق والعتاق. والثالثة: لا يحنث مطلقًا.
يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٤٩٦). حيث قال: "جملة ذلك: أن من حلف أن لا يفعل شيئًا، ففعله ناسيًا، فلا كفارة عليه. نقله عن أحمد الجماعة، إلا في الطلاق والعتاق، فإنه يحنث … وعن أحمد رواية أُخرى: أنه لا يحنث في الطلاق والعتاق أيضًا … وعن أحمد رواية أخرى: أنه يحنث في الجميع، وتلزمه الكفارة في اليمين المكفرة. وهو قول سعيد بن جبير، ومجاهد، والزهري، وقتادة، وربيعة، ومالك، وأصحاب الرأي".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٥٧١). حيث قال: " (ولو حلف لا يدخل دارًا، فحُمل فأدخلها، ولم يُمكنه الامتناع لم يحنث)، نَصَّ عليه أحمد، هذا في رواية أبي طالب … ولا نعلم فيه خلافًا، وذلك لأنَّ الفعل غير موجود منه، ولا منسوب إليه".
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٥٧١، ٥٧٢). حيث قال: "وإن أُكره بالضرب ونحوه على دخولها فدخلها، لم يحنث في أحد الوجهين، وهو أحد قولي الشافعي، وفي الآخر يحنث. وهو قول أصحاب الرأي".
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>