للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفَقَتِهِمْ (١)، وَقَالَ ابْنُ القَاسِمِ (٢): يَجْرِي المُدُّ فِي كلِّ مَدِينَةٍ، مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣): يُعْطِيهِمْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ، قَالَ: فَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ أجَزْأَهُ) (٤).

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن يعطي كل مسكين مُدًّا من حنطة - يعني: من البر - وبه قال مالك والشافعي وأهل المدينة، إلا أن مالكًا رَحِمه الله ذلك بأهل المدينة لضيق حالهم مقارنة بحال غيرهم كأهل الشام وفارس والعراق، لكن إن خرج منها يزيد على المد.

واختلف المالكية (٥) في قدر الزيادة، فقال بعضهم: يخرج مدًّا ونصف المد، وقال بعضهم: يخرج مدًّا وثلث المد، وقال بعضهم: لا فرق بين المدينة وغيرها؛ لأنه حكم شرعي، ولا تتغير الأحكام باختلاف البلاد، فقال ابن القاسم: "إنه يجري المد في كل مدينة،


(١) يُنظر: "المدونة" للإمام مالك (١/ ٥٩١)، حيث قال: "قلت: أرأيت كم إطعام المساكين في كفارة اليمين؟ قال: قال مالك: مُدٌّ مُدٌّ لكل مسكين … وأما أهل البلدان فإنَّ لهم عيشًا غير عيشنا، فأرى أن يُكَفِّروا بالوسط من عَيشهم، يقول الله: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ".
(٢) يُنظر: "المدونة" للإمام مالك (١/ ٥٩٢)، حيث قال: "قال (ابن القاسم): هكذا فَسَّر لنا مالك كما أخبرتُك وأنا أرى إن كَفَّر بالمُدِّ؛ مُد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه يجزئ عنه حيثما كَفَّر به".
(٣) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ١٠١، ١٥٢)، حيث قال: " (وأما) الذي يرجع إلى مقدار ما يطعم، فالمقدار في التمليك: هو نصف صاع من حنطة، أو صاع من شعير، أو صاع من تمر، كذا روي عن سيدنا عمر وسيدنا عليٍّ وسيدتِنا عائشة".
(٤) يُنظر: "بدائع الصنائع " للكاساني (٥/ ١٠٢). حيث قال: " (وأما) المقدار في طعام الإباحة فأكلتان مُشبعتان غداء وعشاء، وهذا قول عامة العلماء. وعن ابن سيرين وجابر بن زيد … أنه يُطعمهم أكلة واحدة … والصحيع قول العامة".
(٥) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ١٣٢)، حيث قال: " (وندب بغير المدينة زيادة ثلثه)، قال أشهب: (أو نصفه)، قاله ابن وهب فـ "أو" لتنويع الخلاف، وعند الإمام الزيادة بالاجتهاد لا بحد، وهو الوجه".

<<  <  ج: ص:  >  >>