للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الاسم - أي: ما يُسمَّى بلغة العرب لباسًا - يصح، فلو أعطاه سِروالًا أو عمامة أو عباءة أو ثوبًا أو إزارًا أجزأه؛ لأنه أقل ما يطلق عليه في لغة العرب: أنه كساء، أو يطلق عليه أنه كساء، ولا نكبده فوق ما جاء به النص، لكنهم اختلفوا في تقدير ذلك، فاشترط أبو حنيفة أن يَدفع له من ذلك قميصًا أو إزارًا أو رداء أو كساء.

إذًا؛ الحنفية وسط في هذا الموضع بين الشافعية، وبين المالكية والحنابلة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تُجْزِي العِمَامَة، وَلَا السَّرَاوِيلُ): أي: أنه يميل إلى مذهب المالكية والحنابلة.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ الوَاجِبُ الأَخْذُ بِأَقَلِّ دَلَالَةِ الاسْمِ اللُّغَوِيِّ أَوِ المَعْنَى الشَّرْعِيِّ؟).

ختم المؤلف هذه المسألة بتلك العبارة التي تصلح أن تكون قاعدة فقهية، ويُفرع عليها مسائل كثيرة، فقوله: (هل الواجب الأخذ بأقل دلالة الاسم اللغوي أو المعنى الشرعي) (١) يعد توضيحًا لقوله في مسائل المسح على الرأس متن كتاب (الطهارة): (هل العبرة الأخذ بأوائل الأسماء أو بأواخرها؟)، وإن كانت هي نفسها من العبارات المحيرة في هذا الكتاب.


(١) يُنظر: "نهاية الوصول" للصفي الهندي (٢/ ٣٧٤). حيث قال: "اللفظ إن لم يكن له معنى سِوى اللغوي وَجَب حملُه عليه. وإن كان له بحسب العرف أو الشرع معنى آخر، فإن كانت دلالته عليه مساوية لدلالته على المعنى اللغوي، أو كانت راجحة عليها، لكن لم ينتبه الرجحان إلى أن يَصير المعنى اللغوي مهجورًا بالكلية، فإن اللفظ يكون كالمشترك بينهما، ورجحانه كرجحان بعض مفهومات المشترك على البعض، وإن صار مهجورًا بالكلية، فاللفظ يجب حمله على المفهوم العرفي أو الشرعي، وعند الاجتماع يجب تقديم المعنى الشرعي، ثم العرفي، ثم اللغوي، ثم المجاز إن صدر اللفظ من الشارع، أمَّا إن صدر من أهل العرف أو اللغة، فإنه يجب تقديم المعنى العرفي أو اللغوي؛ لأن الظاهر من حال المتكلم أن يتكلم بكلامه".

<<  <  ج: ص:  >  >>