للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وأَمَّا المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ اخْتِلَافُهُمْ فِي اشْتِرَاطِ تَتَابُعِ الأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فِي الصَّيَامِ؛ فَإِنَّ مَالِكًا (١) وَالشَّافِعِيَّ (٢) لَمْ يَشْتَرِطَا فِي ذَلِكَ وُجُوبَ التَّتَابُعِ، وَإِنْ كَانَا اسْتَحَبَّاه، وَاشْتَرَطَ ذَلك أَبُو حَنِيفَةَ (٣). وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ شيئان، أَحَدُهُمَا: هَل يَجُوزُ العَمَلُ بِالقِرَاءَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي المُصْحَفِ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات}. وَالسَّبَبُ الثَّانِي: اخْتِلَافُهُمْ هَل يُحْمَلُ الأَمْرُ بِمُطْلَقِ الصَّوْمِ عَلَى التَّتَابُعِ، أَمْ لَيْسَ يُحْمَلُ؟ إِذَا كَانَ الأصْلُ فِي الصِّيَامِ الوَاجِبِ بِالشرْعِ إِنَّمَا هُوَ التَّتَابُعُ).

سبق أن المُكَفِّر بالخيار بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد انتقل إلى الصيام، واختلف العلماء هل لا بد فيه من التتابع أم لا؟

فذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة في رواية إلى عدم اشتراطه (٤)، إلا أنه يستحب له ذلك.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ١٣٣). حيث قال: " (ثم) إذا عجز وقت الإخراج عن الأنواع الثلاثة بأن لم يكن عنده ما يُباع على المفلس لزمه (صوم ثلاثة أيام)، ونُدب تتابعها".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ١٩٢). حيث قال: " (فإن عجز عن) كل واحد من (الثلاثة) المذكورة (لَزِمه صوم ثلاثة أيام)؛ لقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} … (ولا يجب تتابعها في الأظهر)؛ لإطلاق الآية. والثاني: يجب؛ لأن ابن مسعود قرأ: {ثلاثة أيام متتابعات}.
(٣) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٧٢٧). حيث قال: " (وإن عجز عنها) كلها (وقت الأداء) عندنا … (صام ثلاثة أيام وِلاء) … (قوله: ولاء) بكسر الواو والمَدِّ، أي: مُتتابعة؛ لقراءة ابن مسعود وأُبَي: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات}، فجاز التقييد بها؛ لأنها مَشهورة، فصارت كخبره المَشهور".
(٤) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٥٥٥). حيث قال: "وحكى ابن أبي موسى، عن أحمد رواية أُخرى: أنه يجوز تفريقها … ؛ لأن الأمر بالصوم مطلق، فلا يجوز تقييده إلا بدليل، ولأنه صام الأيام الثلاثة، فلم يجب التتابع فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>