للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه ذلك: أن الله عَزَّ وجلَّ قال: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}، ولم يُشر إلى التتابع، فينبغي العمل بظاهر الآية.

وذهب الحنفية والحنابلة في المشهور عنهم إلى اشتراط التتابع (١).

وحجتهم: ما جاء في قراءة أُبي بن كَعب وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما -: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} (٢)، وقد حكاها عنهما الإمام أحمد وجماعة في كتب التفسير، فيجب الأخذ بها؛ لأنها من كتاب الله عزَّ وجَلَّ.

وإن قلنا: بأنها ليست من القرآن، فتكون بمثابة التفسير، فلعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فَسَّرها، فسمع ذلك ابنُ مسعود منه، فظن ذلك قراءة، فأقل ما يقال فيها: إنَّها تفسير يَنبغي الأخذ به.

* قوله: (وأَمَّا المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ اشْتِرَاطُ العَدَدِ فِي المَسَاكينِ فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ قَالَا: لَا يَجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يُطْعِمَ عَشَرَةَ مَسَاكينَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشَرَةَ أَيَّامٍ، أَجْزَأَهُ).

وَهَذ المسألة لها عِدَّة صور:

الصورة الأولى: أن يُطعم مسكينًا واحدًا عشرة أيام يُغَدِّيه ويُعَشِّيه، أو يُعطيه كل يوم مدًّا.

الصورة الثانية: إذا لم يجد إلا مسكينًا واحدًا، فهل يكفي أم لا بد من العشرة؟


(١) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢٤٣)، حيث قال: " (ويجب التتابع في الصوم)؛ لقراءة أُبَي وابن مسعود: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات}، حكاه أحمد، ورواه الأثرم، وكصوم الظِّهار، (إن لم يكن عذر)، فيَسقط به وجوب التتابع". وانظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٥٥٥).
(٢) يُنظر: "تفسير الطبري" (١٠/ ٥٥٩ - ٥٦٥). حيث قال: "عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: كان أُبيُّ بن كَعب يقرأ: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} "، وحدثنا ابن وكيع قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن قزعة، عن سويد، عن سيف بن سليمان، عن مجاهد، قال: "في قراءة عبد الله: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} ".

<<  <  ج: ص:  >  >>