للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد وُجِدَ قبل وجود السبب، فلم يجيزوه (١).

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ شَيْئَانِ).

والحقيقة أن هناك سببين بالإضافة إلى ذلك التعليل الذي أَورَدَه المؤلفُ.

* قوله: (أَحَدُهُمَا: اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ" (٢)، فَإِنَّ قَوْمًا رَوَوْهُ هَكَذَا، وَقَوْمٌ رَوَوْهُ: "فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ" (٣)، وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الكَفَّارَةَ تَجُوزُ قَبْلَ الحِنْثِ، وَظَاهِرُ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا بَعْدَ الحِنْثِ).

فالسبب الأول من أسباب اختلاف العلماء في المسألة - كما ذَكرَ المؤلِّفُ -: هو اختلاف الروايات؛ حيث وَرَدَ في بعض الروايات مجيء الكفارة في آخر الحديث بما يعني أداءها بعد الحنث، وفي روايةٍ أُخرى


(١) قال أبو جعفر الطحاوي: " (ومن كفر عن يمينه قبل حنثه فيها: لم يجزه ذلك، ووإن عليه أن يكفر عنها إذا حنث فيها). والدليل على ذلك: قول الله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}، وحفظها: مراعاتها لأداء كفاراتها عند الحنث، لا معنى لحفظ اليمين غير ذلك، وفي جواز أداء الكفارة قبل الحنث إسقاط حفظ اليمين مع بقائها؛ لأن الحفظ إنما هو لأداء الكفارة وقت الحنث". يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (٧/ ٤٠٨).
ويُنظر عند المالكية: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٨٨٤، ٨٨٥)؛ حيث قال: "ووجه المنع: أنه حق في مالك يتعلَّق بسبب لحق الله فلم يجز تقديمه على وقت وجوبه كالزكاة، واعتبارًا بسائر الكفارات، ولأنه لم يحنث فلم يكن للكفارة حكم كما لو أخرجها قبل إليمين، ولأن الحنث هو الموجب للكفارة فلا يجوز أن يؤخذ من غير وجوبها".
(٢) أخرجه مسلم (١٣/ ١٦٥٠) عن أبي هريرة.
(٣) أخرجه النسائي (٣٧٨١) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، وصححه الأرناؤوط في "سنن ابن ماجه" (٣/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>