للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معًا (١)، ومنهم مَنْ ذَهَبَ إلى أنه وإن لم يُصَرِّحْ باللفظ إلا أن الصيغة الواردة في ذلك تكون صيغةَ نَذْرٍ (٢).

فالنية معتَبَرَةٌ لا شكَّ، ولها تأثيرٌ كبيرٌ في الأعمال، بل إن مدار الأعمال عليها، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ".

وقوله: "إِنَّكَ لَا تَعْمَلُ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهِ" (٣).

وقوله: "مَنْ جَاهَدَ فِي سَبيلِ اللَّهِ لِتَكُونَ كلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" (٤).

قوله: (فَمَنْ قَالَ بِهِمَا مَعًا إِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ كذَا وَكذَا؛ وَلَمْ يَقُلْ: نَذْرًا، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ بِوُجُوبِ شَيْءٍ لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِجِهَةِ الوُجُوبِ).

معناه أنه لو قال: (الله علَيَّ أن أصومَ)، ولم يقل: (الله علَيَّ أن أصومَ نذرًا)، فهل تكفيه نِيَّتُهُ في الصيغة الأُولى التي لم تتضمن ذِكْرَ النذر أم لا بد من الإتيان بلفظ النذر؟


(١) وهم المالكية، يُنظر: "شرح الزرقاني على مختصر خليل" (٣/ ١٦٣)؛ حيث قال: "يُنظر في النذر كاليمين إلى النية ثم العرف ثم اللفظ". وثنظر: "روضة المستبين"، لابن بزيزة (١/ ٦٦٧).
(٢) في مذهب الشافعية أنه لا يصح بالنية، ثنظر: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (٢/ ٢٥٢)؛ حيث قال: "و (شرط) في الصيغة لفظ يشعر بالتزام (وفي معناه ما مر في الضمان وهذا وما قبله من زيادتي) كالله عليَّ (كذا) أو على (كذا) كعتق وصوم وصلاة فلا يصح بالنية كسائر العقود".
في مذهب الحنابلة أن النذر لا يلزم بالنية وأن الاعتبار فيه باللفظ، يُنظر: "كشاف القناع" (٦/ ٢٧٨)؛ حيث قال: " (وإن نذر الصدقة بمال ونيته ألف) أو نحوه (مختصة يخرج ما شاء)؛ لأن اسم المال يقع على القليل، وما نواه زيادة على ما تناوله الاسم، والنذر لا يلزم بالنية".
(٣) أخرجه البخاري (٤٤٠٩)، ومسلم (١٦٢٨) بلفظ: "إنك لن تخلف فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة".
(٤) أخرجه البخاري (١٢٣)، ومسلم (١٩٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>