للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهة اللجاج والغضب؛ لأن القربات إنما تُفعَل على جهة الرضا وقَصْدِ التقرُّبِ إلى الله (١).

قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ، فَالنَّذْرُ عِنْدَهُ لَازِمٌ عَلَى أَيِّ جِهَةٍ وَقَعَ (٢)؛ فَهَذَا مَا اخْتَلَفُوا فِي لُزُومِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، وَأَمَّا مَا اخْتَلَفُوا فِي لُزُومِهِ مِنْ جِهَةِ الأَشْيَاءِ المَنْذُورِ بِهَا، فَإِنَّ فِيهِ مِنَ المَسَائِلِ الأُصُولِ اثْنَتَيْنِ).

والمؤلِّفُ هاهنا يريد التأكيد على أنه لَمْ يتناول كلَّ مسائل الكتاب، وإنما اقتَصَرَ على الأُصول وحدها دون الفروع.

قوله: (المَسْأَلَةُ الأَولَى: اخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً).

أما الحديث الوارد في ذلك فهو صريحٌ؛ حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْه، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ" (٣).

فلا نَذْرَ إذَنْ في معصية الله، ومن فعل ذلك فيجب عليه عدم الوفاء به، ولكن الكلام الآن فيما إذا كانت تجب عليه كفار حينئذٍ أم لا.

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ العُلَمَاءِ: لَيْسَ يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَان، وَالكُوفِيُّونَ: بَلْ هُوَ لَازِمٌ، وَاللَّازِمُ عِنْدَهُمْ فِيهِ هُوَ كفَّارَةُ يَمِينٍ، لَا فِعْلُ المَعْصِيَةِ).

وهذا القول من المؤلِّف يعتريه عدم الدقة، لأن جمهور العلماء قد انقسموا في ذلك إلى فريقين:

الفريق الأول: أنه لا يلزمه في ذلك شيءٌ، وهو مذهب مالكٍ (٤)،


(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم ذكر هذا.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) يُنظر: "الفواكه الدواني"، للنفراوي (١/ ٤١٥)، حيث قال: " (ومن نذر أن يعصي الله) سبحانه وتعالى بشيء كسرقة أو زنا أو قتل (فلا يعصه) بالوفاء بنذره للإجماع على =

<<  <  ج: ص:  >  >>