للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمد (١)، وكثيرٌ من أئمة الحديث (٢)، وهو: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْه، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ".

فقوله: "فَلْيُطِعْهُ" أمرٌ، والأمر يقتضي الوجوب، وقوله: "فَلَا يَعْصِهِ" نهيٌ، والنهي يقتضي التجنب والابتعاد؛ فالحديث يفيد الأمر بفِعلِ الطاعة والنهي عن فِعلِ المعصية.

ولكن مع تركِ المعصية هل يَلزَمُه أن يُكَفِّرَ أم لا يَلزَمُه؟

فأصحاب الرأي الأول (٣) يقولون بأنه لا يلزمه شيءٌ، استنادًا منهم إلى هذا الحديث الذي لم يَرِدْ فيه ذِكْرُ الكفارة، وكذلك استنادًا منهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدمَ" (٤)، وفوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا نَذْرَ إِلَّا فِيمَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - " (٥)، فاستدلوا من هذه الأحاديث على عدم وجوب الكفارة في نَذْرِ المعصية؛ بِناءً على ما استنبطوه من هذه الأدلة من أن نَذْرَ المعصية لا ينعقد ابتداءً.

قوله: (وَالحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ (٦) الثَّابِتُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٤٠٧٥).
(٢) أخرجه الدارمي في "سننه" (٢٣٨٣)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٣/ ٣٥٢)، وأبو يعلى في "مسنده" (٨/ ٢٧٧).
(٣) وهم الجمهور كما سبق.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) أخرجه أبو داود (٢١٩٢)، قال الألباني: "إسناده حسن". "صحيح أبي داود - الأم" (١٩٠٢).
(٦) الصواب: أنه حديث عائشة - وهو حديث آخر خلاف حديث عائشة الذي أخرجه البخاري - كما سيأتي في كلام ابن عبد البر، وقد أشار لذلك الشارح.
أما حديث أبي هريرة في هذا الباب: فليس فيه ذكر الكفارة، وإنما لفظه: "لا نذر في غلط". أخرجه ابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال" (٨/ ٣٦٠) عن أبي هريرة مرفوعًا. قال ابن عدي: "وهذه الأحاديث للوليد مع ما لم أذكر من حديثه عامتها غير محفوظة".

<<  <  ج: ص:  >  >>