للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن جَمَعَ بين الحديثين (١) رأى أن الحديث الأول بَيَّنَ أن نَذْرَ المعصية لا ينبغي الوفاء به، وأن الحديث الثاني زاد أن الكفارة لازمةٌ.

والحديث الثاني - في حقيقة الأمر - تكلَّمَ العلماءُ في شأنه (٢)، ولذلك فالإمام أحمد له في المسألة روايتان (٣).

قوله: (فَمَنْ رَجَّحَ ظَاهِرَ حَدِيثِ عَائِشَةَ (٤)، إِذْ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ حَدِيثُ عِمْرَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ (٥)، قَالَ: لَيْسَ يَلْزَمُ فِي المَعْصِيَةِ شَيْءٌ).

الآن عندنا حديثان، الحديث الأول: مُطْلَقٌ، لم يُثْبِت الكفارةَ ولم يَنْفِهَا، ولكنه تناول عدم جوازِ الوفاء بنذر المعصية (٦)، أما الحديث الثاني (٧): فقد جاء بزيادةٍ تتضمَّن حُكْمَ الكفارة، وهذه الزيادة لا شكَّ أنها


= قوله عليه السلام: "من نذر نذرًا أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"، وقال عليه السلام: "النذر يمين وكفارته كفارة يمين"".
ويُنظر دليل رواية الجواز عند الحنابلة في: "المغني"، لابن قدامة (١٠/ ٥ - ٧)؛ حيث قال: "ووجه الرواية الأُولى: ما روت عائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين " … وعن أبي هريرة، وعمران بن حصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله … ولأن النذر يمين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأخت عقبة، لما نذرت المشي إلى بيت الله الحرام، فلم تطقه: "تكفر يمينها". قال أحمد: إليه أذهب. وقال ابن عباس في التي نذرت ذبح ابنها: "كفِّري يمينك". ولو حلف على فعل معصية، لزمته الكفارة، فكذلك إذا نذرها. فأما أحاديثهم، فمعناها لا وفاء بالنذر في معصية الله. وهذا لا خلاف فيه، وقد جاء مصرحًا به هكذا في رواية مسلم … ".
(١) وهم الأحناف ورواية عن الحنابلة كما سبق.
(٢) سبق.
(٣) تقدَّم.
(٤) وهو حديث البخاري: "ومن ندر أن يعصي الله فلا يعصه".
(٥) الصواب: أنه حديث عمران وعائشة، والذي فيه: "لا نذر في معصية الله، وكفارته كفارة يمين"، كما سبق.
(٦) وهو حديث عائشة عند البخاري كما سبق.
(٧) وهو حديث عمران وعائشة في "السنن".

<<  <  ج: ص:  >  >>