للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقبَل إن جاءت في حديثٍ صحيحٍ، ولكن الحديث الذي وَرَدَت به هذه الزيادة هو حديثٌ مختلَفٌ في صحته.

فأصحاب الرأي الثاني في المسألة (١) يحتجون بهذا الحديث، ويعللون ذلك بأن الحديث له من الطُّرُق والشواهد ما يجعله صالحًا للاحتجاج به، وأما أصحاب الرأي الأول فيتركون الاحتجاج به ولا يأخذون بالحُكم الوارد فيه، ويعللون ذلك بأن جميع طُرُق الحديث إما فيها راوٍ متروكٌ أو ضعيفٌ أو غير ذلك (٢).

فمراد المؤلِّف هاهنا: أن مَن رَجَحَ عندهم الحديث الأول ولم يصح لديهم الحديث الثاني المشتمل على زيادة حُكْم الكفارة فهؤلاء يأخذون بظاهر الحديث الأول ولا يرَوْنَ في كفارةً في نَذْرِ المعصية.

قوله: (وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الجَمْعِ بَيْنَ الحَدِيثَيْنِ، أَوْجَبَ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ).

فهناك عدة مسالك يسلكها العلماء عند التعارض، منها الجمع بين النصوص، حيث إن الجمع بينها أَوْلَى من أخذ بحضها وترك البعض الآخر، وهذا المسلك إنما يكون عندما تكون النصوص المتعارضةُ صحيحةً كلها، أما إذا كان بعضها صحيحًا وبعضها ضعيفًا فلا يُجمَع بينها وإنما يتعين الترجيح حينئذٍ (٣)، كما هو الحال في مسألتنا هذه.

والمؤلف هاهنا يريد أن يقول: إن مَن ذَهَبَ إلى الجمع بين الحديثين أَوجَبَ في نَذْرِ المعصية كفارة يمينٍ.


(١) وهم الأحناف، ورواية عن الحنابلة كما سبق.
(٢) سبق ذكر هذا من كلام ابن عبد البر.
(٣) قال الغزالي في سبل الجمع بين الأدلة: "وإن عجزنا عن الجمع وعن معرفة المتقدم والمتأخر رجحنا وأخذنا بالأقوى. وتقوي الخبر في نفوسنا بصدق الراوي وصحته، وتضعيف الخبر في نفوسنا إما باضطراب في متنه أو بضعف في سنده أو بأمر خارج من السند والمتن". انظر: "المستصفى" (ص ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>