للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَحَيْثُ صَلَّى أَجَزْأَه، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ إِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ).

وهاهنا قد يُفهَم من إشارة المؤلِّفِ مَذهَبَ أبي حنيفة على غير وَجْهِهِ، والحقيقة أن أبا حنيفةَ في مسألة نَذْرِ الصلاة في المسجد النبوي أو المسجد الأقصى بعد شدِّ الرِّحالِ إليهما، إنما يَرَى أن الصلاةَ فيهما غير مُتعَيِّنةٍ في حق الناذر، بل تُجزِئُه الصلاة أينما صَلَّى، ويضيف إليهما أن المسجد الحرام لا يختص عن هذين المسجدين بشيءٍ فيما يتعلَّق بالصلاة فيه، وإنما حُكمُه حُكمُهما، ولكنه ينفرد عنهما فيما يتعلَّق بالحج والعمرة ليس إلا.

فأبو حنيفة هاهنا لا يخالف الأئمة الثلاثة في هذه النقطة وإنما يتفق معهم فيها، ويخالفهم في مسألة لزوم المشي، إذ يَرَوْنَ لزومَه، ويرى أبو حنيفة عدم لزومه إلا في الحج والعمرة فقط (١).

قوله: (وَإِنَّمَا وَجَبَ عِنْدَهُ المَشْيُ إِلَى المَسْجِدِ الحَرَامِ لِمَكَان الحَجِّ وَالعُمْرَةِ) (٢).


= مسجد المدينة) المنورة (أو) إلى المسجد (الأقصى لزمه ذلك)؛ أي: المشي إليه. (و) لزمته (الصلاة فيه) ركعتين إذ القصد بالنذر القربة والطاعة وإنما يحصل ذلك بالصلاة فتضمن ذلك نذرهم كنذر المشي إلى بيت الله الحرام حيث وجب به أحد النسكين".
(١) يُنظر: "مراقي الفلاح"، للشرنبلالي (ص ٢٦٣)؛ حيث قال: " (وتجزئ صلاة ركعتين) فأكثر إذا صلى المنذور (بمصر) مثلًا وقد كان (نذر أداءهما)؛ أي: صلاتهما (بمكة) أو المسجد النبوي أو الأقصى؛ لأن الصحة باعتبار القربة لا المكان؛ لأن الصلاة تعظيم الله تعالى بجميع البدن وفي هذا المعنى الأمكنة كلها سواء وإن تفاوت الفضل".
(٢) قال الكاساني: "وإن أضاف إيجاب شيء من هذه الأفعال إلى المكان الذي لا يصح الدخول فيه بغير إحرام؛ يُنظر: فإن أضاف إيجاب ما سوى المشي إليه لا يصح، ولا يلزمه شيء لما ذكرنا أن التحول من مكان إلى مكان ليس بقربة في نفسه، وإن أضاف إيجاب المشي إليه، فإن ذكر سوى ما ذكرنا من الأمكنة من الكعبة وبيت الله تعالى ومكة وبكة والمسجد الحرام والحرم، بأن أوجب على نفسه المشي إلى الصفا والمروة ومسجد الخيف وغيرها من المساجد التي في الحرم لا يصح نذره بلا =

<<  <  ج: ص:  >  >>