للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو يوسف: هو أحد صاحبي أبي حنيفة، والصاحب الآخر لأبي حنيفة هو محمد بن الحسن.

وقبل ذِكْرِ قول أبي يوسف تجدر الإشارة إلى أن الفقهاء - رحمهم الله تعالى - لم تتفق أقوالهم في كل مسألة من المسائل؛ والسبب في ذلك هو كونهم جميعًا يريدون الوصول إلى الحق والصواب في كل مسألة مِن أقرب طريق، ومن أجل هذا كثيرًا ما نرى اختلافَ الأئمة الأربعة في مسألةٍ من المسائل، وأحيانًا أُخرى يلتقون في مسألةٍ مَا، وربما اتفقوا في مسألةٍ من المسائل ثم كان الخلاف فيها دائرًا في وسط مذهب من المذاهب، كالحال في مسألتنا هذه التي وقع الخلاف في حُكمِها بين الإمام أبي حنيفة وصاحِبِه أبي يوسف.

وحاصل قول أبي يوسف في هذه المسألة كالتالي:

- أن مَن نَذَرَ الصلاةَ في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو في المسجد الأقصى فإنه يَلزَمه أن يصلي فيه.

- وَمَن نَذَرَ أن يُصَلِّيَ في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو في المسجد الأقصى ثم صَلَّى في المسجد الحرام فإن صلاته في المسجد الحرام تجزئه عن نذره هذا وتكفيه (١).

ويُستَدَلُّ على هذا: بقصة الرجل الذي نَذَرَ أن يُصَلِّيَ ركعتين في المسجد الأقصى إن فَتَحَ الله سبحانه وتعالى مَكَّةَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا فُتِحَت مكةُ أَخبَرَ الرجلُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بنذره، فقال له رسول الله: "هَاهُنَا صَلِّ" وكرَّرها ثلاثًا، ولكن كانت نَفْسُ الرجل متعلقةً بالوفاء بنذره والصلاة في المسجد الأقصى، فحينئذٍ قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَذَا شَأْنُكَ، وَشَأْنُكَ ذَا" (٢).

فهذا الحديث هو حجةٌ لأبي يوسف والحنابلة فيما ذَهَبُوا إليه في هذه المسألة.


(١) سبق.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٣٠٥)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٨/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>