للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما هذه الرواية فقد ورَدَت في "المُوَطَّأِ" (١)، والمشهور منها أن الفتوى كانت لابنة المرأة لا لولدها كما أورَدَ المؤلِّف، وفيها أن امرأةً نَذَرَت أن تُصلِّيَ في مسجد قُبَاءَ، فماتت قبل الوفاء بنذرها، فجاءَت ابْنَتُهَا عبدَ اللّه بنَ عباسٍ - رضي الله عنهما - حَبْرَ هذه الأُمَّةِ تستفتيه في ذلك، فأفتاها بأن تُصلِّيَ عنها (٢).

وهذه المسألة فيها خلافٌ كثيرٌ (٣)، وقد تَحَدَّثْنَا في أحكام الصيام عن هذا الخلاف، وعَرَفْنَا أن هناك من العلماء مَن يَرَى ذلك مُطْلَقًا دون قَيْدٍ، ومنهم مَنْ يَخُصُّهُ بالنذر كما هو الحال عند الحنابلة، وأن منهم مَن يَمنَعُ مِن ذلك مُطلَقًا كما هو المشهور في مذهب مالكٍ.

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي النَّذْرِ إِلَى مَا عَدَا المَسْجِدَ الحَرَامَ اخْتِلَافُهُمْ فِي المَعْنَى الَّذِي إِلَيْهِ تُسْرَجُ المَطِيُّ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثِةِ مَسَاجِدَ، - هَلْ ذَلِكَ لِمَوْضِعِ صَلَاةِ الفَرْضِ فِيمَا عَدَا البَيْتَ الحَرَامَ أَوْ لِمَوْضِعِ صَلَاةِ النَّفْلِ؟).

أي: أن سبب اختلافهم في النذر إلى المسجد النبوي والمسجد الأقصى هو اختلافهم فيما إذا كانت هذه المساجد تُقصدُ مِن أَجلِ شَدِّ الرحال إليها فقط، أم أنها تُقصَد مِن أَجلِ أداء الصلاةِ الواجبةِ، أم مِن أَجلِ أداء السُّنَن، أم مِن أَجلِ أداء الصلاة على وَجْهِ الإطلاقِ سواء كانت واجبةً أم غير واجبةٍ.


= يأتي مسجد قباء راكبًا وماشيًا". زاد ابن نمير: حدثنا عبيد الله، عن نافع: "فيصلي فيه ركعتين".
(١) أخرج مالك في "موطئه" رواية محمد بن الحسن الشيباني (٧٤٤) قال: أخبرنا عبد اللّه بن أبي بكر، عن عمته، أنها حدثته عن جدته: "أنها كانت جعلت عليها مشيًا إلى مسجد قباء، فماتت، ولم تقضه، فأفتى ابن عباس ابنتها أن تمشي عنها".
وصححه الألباني بشواهده في "إرواء الغليل" (٢٥٩٣).
(٢) الذي جاء في الرواية المشي لا الصلاة كما ذكر الشارح.
(٣) وهي مسألة قضاء العمل عن الميت.

<<  <  ج: ص:  >  >>