للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسهم للناس، ولينشغلوا بأمورٍ أهم بدل أن ينشغلوا بمثل هذه الأُمور، إذ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يسأل الناس، يأتي يوم القيامة وليس في وجهة مزعة من لحم" (١).

وقَدْ أرشدَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك السائل، وأعطاه ليشتري حبلًا وفأسًا ليحتطب ويتكسب (٢)، ولذلك في الحديث: "الغنى ما جاء عن كسب" (٣)، وقوله: "أفضل الصدقة ما كانت عن غنًى" (٤)، فَخَير ما يَتَقدَّم به الإنسان مَا يكون عن غنًى، لكن لَيْس للإنسان أن يخرج جميع ماله، وَإِنْ كان السلف - رضي الله عنهم - قد تَسَابقوا في هذا الميدان، لكن يَنْبغي للإنسان أن يعرف المقَام الذي يعيش فيه، هل لو أخرج ماله جميعًا يترتب عليه ضررٌ؟ هل المصلحة في إخراج هذا المال؟ فهذه المسألة تحتاج إلى الدقة.

ونرى أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في أشد المواقف بالنسبة إلى التائبين ما أقرَّهم بأن يخرجوا جميع أموالهم، ففي حديث أبي لُبَابة لما قال لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ من توبتي أن أنخلع عن مالي (جميع مالي) إلى اللّه ورسوله للتقرُّب إلى اللّه سبحانه وتعالى، وطاعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "يجزيك الثلث"، أيْ: يَكْفيك الثلث (٥).


(١) أخرجه النسائي (٢٥٨٥)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح سنن النسائي" (٢٥٨٥) ولفظه: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "ما يزال الرجل يسأل حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة من لحم".
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٧٣)، ومسلم (١٠٤٢)، ولفظه: قال رَسُولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "لأَنْ يحتزم أحدكم حزمةً من حطب، فيَحْملها على ظهره فيبيعها، خيرٌ له من أن يسأل رجلًا، يعطيه أو يمنعه".
(٣) لم أقف عليه.
(٤) أخرجه البخاري (٥٣٥٥)، ومسلم (١٠٣٤).
أخرجه البخاري (٥٣٥٥)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"أفضل الصدقة ما ترك غنى".
ومسلم (١٠٣٤)، عن حكيم بن حزام قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصدقة - أو خير الصدقة - عن ظهر غنى".
(٥) أخرجه أبو داود (٣٣١٩)، ولفظه: إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها =

<<  <  ج: ص:  >  >>