للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعدَّدت روايات أبي حنيفة في هذه المسألة، فمرةً يرى أن ليس عليه شيء، ومرة يرى أنه يخرج المال الذي يجب فيه الزكاة، وهناك قول وهو أن الانسانَ يُخْرج مقدار زكاته مالًا (١).

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ أَخْرَجَ مِثْلَ زَكاةِ مَالِهِ أَجْزَأَهُ. وَفِي المَسْأَلَةِ قَوْلٌ خَامِسٌ، وَهُوَ إِنْ كَانَ المَالُ كثِيرًا أَخْرَجَ خُمُسَهُ وَإِنْ كَانَ وَسَطًا أَخْرَجَ سُبُعَهُ وَإِنْ كانَ يَسِيرًا أَخْرَجَ عُشْرَهُ) (٢).

فلو أن إنسانًا نذر أن يتصدق بشيءٍ من ماله، كأن يتصدق مثلًا بعشرة آلاف، لا يخرج العشرة، بل يخرج بعضها. وقال الفُقَهاء فيما مَضَى: لَوْ نذَر أن يتصدَّق بألفين من ماله، لا يخرج الألفين. وبعضهم قال: يخرج ألفًا. والبعض قال: خمسمائة. وبعضهم قال: يخرجها جميعًا (٣).

قوله: (وَحَدَّ هَؤُلَاءِ الكَثِيرَ بِأَلْفَي وَالوَسَطَ بِأَلْفٍ، وَالقَلِيلَ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ قَتَادَةَ) (٤).

هذا مصطلح الفقهاء فيما مضى، وتغيرت الأُمور، وأصبح الألف في هذا الزمن لا يساوي شيئًا، إذ تغيرت الأحوال، لكن مَنْ كان يملك ألفًا، أو ألفين، أو أكثر، أو أقل من ذلك، ثم يتصدق منه، كان ذلك عملًا عظيمًا.


= ينصرف إلى مال الزكاة خاصةً بخلاف ما إذا قال: جميع ما أملك"، ويُنظر: "المبسوط" للسرخسي (٤/ ١٣٥).
(١) تقدَّم.
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١٠/ ٩) حيث قال: "وعن جابر بن زيد: قال: إن كان كثيرًا، وهو ألفان، تصدق بعشره، وإن كان متوسطًا وهو ألف، تصدق بسبعه، وإن كان قليلًا، وهو خمسمائة، تصدق بخمسه".
(٣) تقدَّم.
(٤) أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (٨/ ٤٨٦)، عن قتادة، عن جابر بن زيد، سئل عن رجلِ جعل ماله هديًا في سبيل اللّه، فقال: "إنَّ الله عز وجل لم يرد أن يغتصب أحدًا ماله، فإن كان كثيرًا فليهدِ خمسه، وإن كان وسطًا فسبعه، وإن كان قليلًا فعشره"، قال قتادة: "والكثير ألفان، والوسط ألف، والقليل خمسمائة".

<<  <  ج: ص:  >  >>