للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذ المَسْأَلَةِ أَعْنِي مَنْ قَالَ: المَالُ كلُّهُ أَوْ ثُلُثُهُ مُعَارَضَةُ الأَصْلِ فِي هَذَا البَابِ لِلأَثَرِ).

هناك قاعدة ثابتة في ذلك، وهناك أحاديث وردت، فالأصل هو أن هذا الإنسان يملك ماله، فهو حرٌّ فيه، أو يتبرع به، فجاء الأثر فعارض هذا الأصل وقيده، وهو أن الإنسان يتصدق بثلث ماله، فالإنسان يوصي بثلث ماله، وأن الإنسان إذا نذر يكتفي بإخراج ثلث ماله على الخلاف المذكور آنفًا.

قوله: (وَذَلِكَ أَنَّ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ ابْنِ عَبْدِ المُنْذِرِ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ) (١).

وهو من الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، ونعلم أن مَنْ تخلَّف عن غزوة تبوك أنواعٌ، فيهم المنافقون، وهناك من تخلَّف متعذرًا لبعض الأعذار غير المقبولة، ومنهم أبو لبابة، وهو لما تخلَّف عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في تلك الغزوة، لم يكلمه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وقاطعه المسلمون، فربط نفسه بسارية من سواري المسجد، وأخذ على نفسه سبعة أيام لا يأكل، ولا يفك رباطه، وحلف أنه لن يأكل إلا أن تُقْبل توبته إلى أن سقط مغشيًّا عليه، وقد حلف أنه لا يفك قيده إلا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - (٢).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (٥/ ٤٠٥)، عن الزهري، قال: كان أبو لُبَابة ممَّن تخلف عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية، ثم قال: واللهِ، لا أحلُّ نفسي منها، ولا أذوق طعامًا ولا شرابًا حتى أموت أو يتوب اللّه عليَّ، فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعامًا ولا شرابًا حتى كان يخر مغشيًّا عليه، قال: ثمَّ تاب اللّه عليه، فقيل له: قد تيب عليك يا أبا لبابة، فقال: واللّه لا أحلُّ نفسي حتى يكون رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يحلني بيده، قال: فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فحله بيده، ثم قال أبو لبابة: يا رسول اللّه، إنَّ من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله صدقةً إلى اللّه وإلى رسوله، قال: "يجزيك الثلث يا أبا لبابة"، وأخرجه أحمد مختصرًا (١٥٧٥٠). قال الأرناؤوط: إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>