للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ"، هُوَ نَصٌّ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ).

وكذلك نص في مذهب أحمد (١)، فهم متفقون في هذه المسألة؛ لكن الخلاف عند بعض العلماء الذين عارضوا هذين الحديثين، فبعضهم يعلل ذلك؛ لأن الحديثين ليس المقصود بهما المال، وإنما هي الصدقة، وقالوا: للإنسان أن يتصدق بجميع ماله (٢).

قوله: (وَأَمَّا الأَصْلُ فَيُوجِبُ أَنَّ اللَّازِمَ لَهُ إِنَّمَا هُوَ جَمِيعُ مَالِهِ حَمْلًا عَلَى سَائِرِ النَّذْرِ).

الأَصْلُ اللازمُ أن يخرج جميع ماله ما دام أنه نذر أن يخرج الجميع، هذا هو الأصل، فلماذا اقتصر على الثلث؟! فقد ورد في قصة سعد بن أبي وقاص أنه عرض على رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أنه صاحب مال، وأنه ليس له عيال، ويريد أن يتصدق بجميع ماله، فلم يوافقه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، ثم عرض عليه الثلثين إلى أن انتهى إلى الثلث، فقال له رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "الثُّلُث، والثُّلث كثير؛ إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالةً يتكفَّفون الناس"، وبيَّن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - العلة في ذلك أن الإنسان لو أخرج جميع ماله، فلماذا يترك نفسه، ويترك أولاده عالةً (٣)؟!

"قوله: (أَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ الوَفَاءُ بِهِ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي قَصَدَه، لَكِنَّ


(١) تقدَّم.
(٢) وهو مذهب الشافعي، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٦/ ١٧٥) حيث قال: " (وفي استحباب الصدقة بما فضل عن حاجته) المارة من حاجة نفسه وممونه يومهم وليلتهم وكسوة فصلهم ووفاء دينه (أوجه) أحدهما: تسن مطلقًا. ثانيها: لا مطلقًا. ثالثها. وهو (أصحها): أنه (إن لم يشق عليه الصبر استحب)؛ لأن الصديق تصدق بجميع ماله".
(٣) عَال يَعيلُ عَيْلًا وعَيْلَةً وَعُيولًا ومَعيلًا: افْتقَر. انظر: "المحكم والمحيط الأعظم"، لابن سيده (٢/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>