للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَاجِبَ هُوَ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ المَسْأَلَةِ مِنْ هَذِهِ القَاعِدَةِ، إِذْ قَدِ اسْتَثْنَاهَا النَّصُّ).

الأَصْلُ أن الإنْسَانَ إذا نذرَ فعلًا من الأفعال؛ فعليه أن يُوَفِّي، أو يكفر، وفيما يتعلَّق بتَرْك أَمْرٍ من الأُمور، عليه أن يتركه، وإنْ لم يتركه فعليه الكفَّارة، وإنْ كان لا يجوز أن نفعله أصلًا، لكن هذين الحديثين خلاف تلك القاعدة وذلك الأصل، حيث نص على أن الإنسان إذا نذر أن يتصدَّق بجميع ماله؛ فإنه يُكْتفى بالثلث.

قوله: (إِلَّا أَنَّ مَالِكًا (١) لَمْ يَلْزَمْ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ أَصْلًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ شَيْئًا مُعَيَّنًا لَزِمَهُ وَإِنْ كانَ كُلُّ مَالٍ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ عِنْدَهُ إِنْ عَيَّنَ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ وَهُوَ أَكْتَرُ مِنَ الثُّلُثِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِنَصِّ مَا رَوَاهُ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ، وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - للَّذِي جَاءَ بِمِثْلِ بَيْضَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: أَصَبْتُ هَذَا مِنْ مَعْدِنٍ فَخُذْهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا).

جاء بقطعة من ذهب كالبيضة، وقدمها إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ليتصدق بها، فأنكر عليه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: (فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاءَهْ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ مِنْ خَلْفِهِ، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَحَذَفَهُ بِهِ، فَلَوْ أَصَابَهُ بِهَا لأَوْجَعَه، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "يَأْتِي أَحَدُكمْ بِمَا يَمْلِكُ فَيَقُولُ: هَذِهِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ يَقْعُدُ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ، خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى (٢)).


(١) يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٣/ ١٠٦) حيث قال: " (و) لزم الناذر (ما سمَّى) بشد الميم من ماله إذا كان شائعًا كربعه وتسعة أعشاره بل (وإن) كان المسمى (معينًا) بفتح الياء كعبدي أو داري؛ سواء أبقى لنفسه شيئًا أو (أتى) ذلك المعين (على الجميع) ".
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٧٣)، وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "الإرواء" (٣/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>