للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن لا نشك بأن الإبل أكثر لحمًا، وأغلى ثمنًا، أما الكبش فإنك تجده ما فيه من اللحم والشحم والعظم، فهو قليل لا يساوي سُبُع بدنة، ولا سُبُع بقرة، فَوِجْهَة الإمام مالك في ذلك أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، وهو لا يختار إلَّا ما هو الأفضل، إذ إنه - صلى الله عليه وسلم -: "ضحَّى بكبشين أملحين (١) أقرنين" (٢)، وضحى - صلى الله عليه وسلم - بعد أن صلى صلاة العيد بكبش وقال: "اللَّهمَّ هذا عني وعمن لم يضحِّ من أمتي" (٣).

إذًا، هذَا هو الذي ضحَّى به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو المشهور عنه.

ويَقُول المالكية: نحن نجد أن اللّه - صلى الله عليه وسلم - عندما اختار لإسماعيل أو لإسحاق أيهما الذبيح (٤)، اختار له كبشًا، فقال تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)} [الصافات: ١٠٧]، وهذا الذبح إنما هو كبش، فاللّه سبحانه وتعالى لا يختار لنبيه فداءً إلا ما هو أفضل، وكونه اختار كبشًا دليل على أفضليته.


(١) يُنظر: "لسان العرب" لابن منظور (٢/ ٦٠٢) حيث قال: "قال الكسائي وأبو زيد وغيرُهُما: الأملح الذي فيه بياض وسواد، ويكون البياض أكثر، وقد أملح الكبش إملحاحًا: صار أملح".
(٢) أخرجه البخاري (٥٥٦٤) ومسلم (١٩٦٦).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٨١٠)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "الإرواء" (٤/ ٣٤٩).
(٤) واختلفوا في الذبيح على قولين:
أحدهما: أنه إسحاق، قاله عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وأبو هريرة، وأنس، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه، ومسروق، وعبيد بن عمير، والقاسم بن أبي بزة، ومقاتل بن سليمان، واختاره ابن جرير. وهؤلاء يقولون: كانت هذه القصة بالشام. وقيل: طويت له الأرض حتى حمَله إلى المنحر بمنى في ساعة.
والثاني: أنه إسماعيل، قاله ابن عمر، وعبد اللّه بن سلام، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، والشعبي، ومجاهد، ويوسف بن مهران، وأبو صالح، ومحمد بن كعب القرظي، والربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن سابط. انظر: "زاد المسير"، لابن الجوزي (٣/ ٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>