للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأمَّا جمهور العلماء: أبو حنيفة (١)، والشافعي (٢)، وأحمد (٣)، يقولون: إن الأفضلَ هي الإبل، ثم البقر، ثم الغنم، ودليل ذلك أن الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - أورد ذَلكَ في مَوْضع أعلى مما يكون من الثناء ورفع الدرجات عندما تحدث عن فضيلة السعيً مبكرًا يوم الجمعة، فقال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: "من راح في الساعة الأُولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا، ومن راح في الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الخامسة فكأنما قرَّب بيضة، ثم تطوى الصحف" (٤).

فرتب وقدم: الإبل (بدنة) ثم البقرة ثم الكبش، فجعله في الدرجة الثالثة، هناك من يعلل فيقول: لأنه تقريب للبدنة كاملة، وهذا يختلف عن تقريب الكبش، وهكذا، لكن هذا من أدلة الجمهور، ومالك وافق الجمهور بالنسبة للهدايا ليرى أن الهديَ الأفضلُ فيه البدنة ثم البقرة ثم الكبش؛ لكنه وقف عند ظاهر النص: "مَنْ راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة"، أي: أهدى، فهذا هو تعليل المالكية في هذه المسألة.

قوله: (بِعَكْسِ الأَمْرِ عِنْدَهُ فِي الهَدَايَا (٥). وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ: الإِبِل،


(١) مذهب الحنفية، انظر: حاشية ابن عابدين "رد المحتار" (٢/ ٥٣٢)، وفيه قال: " (قوله: وذبح)، أي: شاة أو بدنة أو سبعها، ولَا بدَّ من إرَادة الكل للقربة وإن اختلفت جهتها، حتى لو أراد أحدهم اللحم لم يجز كما سيأتي في الأضحية؛ والجزور أفضل من البقر، والبقر أفضل من الشاة، كذا في الخانية وغيرها. نهر. زاد في "البحر": والاشتراك في البقر أفضل من الشاة. اهـ.". وانظر النص على هذا التفضيل في الأضاحي في "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (٧/ ٣٢٦).
(٢) مذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٣٣) حيث قال: " (وأفضلها) عند الانفراد (بعير) لكثرة اللحم (ثم بقرة)؛ لأنها كسبع شياه (ثم ضأن) لطيبه (ثم معز) ".
(٣) مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٥٣٠) حيث قال: " (والأفضل فيهما)، أي: في الهدي والأضحية (إبل، ثم بقر إن أخرج كاملًا، ثم غنم) ".
(٤) أخرجه البخاري (٨٨١)، ومسلم (٨٥٠).
(٥) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (١/ ٤٢١) حيث قال: "قال مالك: الإبل في الهدايا أفضل ما تقرب به".

<<  <  ج: ص:  >  >>